logo
الأرشيف السوري
logo
الأرشيف السوري

التحقيقات

غارة جوية على سوق الهال في معرة النعمان

٢٨ أيار ٢٠٢١

تحقيق يتناول غارة جوية أصابت سوق الهال في معرة النعمان أواخر عام 2019

اطبع المقال

ملخّص الحادثة

  • مكان الضربة : إدلب: معرة النعمان
  • موقع التأثير: سوق الهال (أو سوق الخضار)
  • التاريخ: 2 ديسمبر / كانون الأول 2019
  • التوقيت: ما بين الساعة 10:30 - 10:40، وفقًا لمقابلات مع عناصر من الدفاع المدني وأطباء، إضافة إلى المعلومات مفتوحة المصدر وبيانات الطيران.
  • الضحايا: 9 قتلى، بينهم امرأتان، تم التأكد من هوياتهم من قبل فريق التحقيقات وتعزيزها من قبل طاقم المشفى والمصادر المفتوحة.
  • المصابون: أصيب 19 شخصًا في الغارة بينهم نساء وأطفال، وذلك وفقًا لقائمة المصابين التي حصل عليها فريق التحقيقات من المشفى.
  • نوع الحادثة: ضربة جوية
  • الذخائر المحدّدة: غير معروف.
  • المسؤول المحتمل: أشارت كلّ من بيانات رصد الطيران والمعلومات مفتوحة المصدر إلى الحكومة السورية كمسؤول محتمل عن الحادثة.

مقدمة

ظهرت نور سلامة (11 سنة) وشقيقها الأصغر سالم (3 سنوات) في مقطع فيديو نُشر عبر الإنترنت وشاهده الملايين، حيث كانا جالسين على عتبة منزل مهدم بالقرب من سوق الهال في معرة النعمان يبكيان بوجوه مغطاة بالدماء. في مقطع الفيديو؛ تسأل نور المسعفين عن سلامة والدها عند قدومهم لإسعافها وأخيها. التقط هذا الفيديو بعد وقت قصير من قصف السوق يوم الاثنين 2 ديسمبر 2019 بضربة جوية أسفرت عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 19 آخرين وإلحاق أضرار جسيمة بالسوق ومتاجره وبُنى المدينة التحتية.

المنهجية

أجرى الأرشيف السوريّ تحقيقًا حول الحادثة، اعتمادًا على خطوتين:

  1. جمع فريق تحقيقات محليّ إفادات شهود عيان وأشخاص شهدوا اللحظات التالية للغارات الجوية مباشرةً.
  2. قام باحثو الأرشيف السوري بحفظ، تحليل والتحقق من 72 مقطع فيديو وصورة تم تحميلها على شبكات التواصل الاجتماعي تدعي أنها تظهر الحادث. وبعد ذلك
  3. تحليل صور الأقمار الصناعية للموقع قبل وبعد الضربة وكذلك بيانات مراقبة الطيران من يوم الغارة الجوية.

وكان هذا التحقيق خلاصة مراحل متعددة من التحليل للمصادر المتاحة. زوّدت المصادر، المتكاملة فيما بينها، الفريق بمعلومات مرتبطة بتاريخ الهجوم، توقيته، موقعه، الإصابات والأضرار الناجمة عنه.

عبر فحص جميع المعلومات المتاحة حول الهجوم، طوّر فريق التحقيقات فهمًا للحادثة وللمسؤولين المحتملين.

للاطلاع على المزيد حول منهجية البحث في الأرشيف السوري، يرجى زيارة موقعنا

سوق الهال قبل الغارة الجويّة

image5 موقع معرة النعمان كما يظهر في خرائط غوغل.

يعتبر سوق الهال أو الخضار في معرة النعمان من أكثر الأسواق نشاطًا في ريف إدلب. كان عدد سكان المدينة في بداية النزاع حوالي 150.000 شخص كما يتردد على المدينة العديد من سكان القرى المجاورة.

تحتل مدينة معرة النعمان بحد ذاتها موقعًا استراتيجيًا فيما يتعلق بالنزاع - وذلك لوقوعها مباشرة على الطريق السريع M5 أو طريق دمشق - حلب السريع، على بعد 31 كيلومترًا جنوبي إدلب. لهذا السبب، تعرضت المدينة بشكل متكرر لغارات جوية منذ عام 2011. أدى دمار مناطق كاملة في المدينة إلى تشريد العديد ممن يعيشون في معرة النعمان أو بالقرب منها عام 2013. رغم عودة جزء كبير من سكان معرة النعمان إليها مع توقف الغارات الجوية عام 2015؛ إلا أن المدينة والمناطق المحيطة بها شهدت نزوحًا جماعيًا آخر خلال الأشهر الأخيرة من عام 2019، نتيجة تزايد الغارات الجوية على المراكز الطبية والمدارس والأسواق في المدينة. بعد نزوح العديد من المدنيين؛ بقي في معرة النعمان حوالي 70.000 يواجهون مخاطر الغارات الجوية والموت.

image6

صورة أقمار صناعية من غوغل إيرث لموقع سوق الهال في معرة النعمان.

يقع سوق الهال في مركز معرة النعمان، ويضم نحو 31 محلًا تجاريًا يعمل فيها ما يقارب 175 شخصًا، وفقًا لمقابلة أجراها الأرشيف السوري مع مالك متجر يبيع الفاكهة والخضروات لسكان البلدة وسكان القرى المجاورة. وذكر صاحب المتجر أن السوق يقع في منطقة مكتظة بالسكان، وأن ساعات الصباح الباكر تشهد ذروة ازدحامه، وتبدأ أعداد الزائرين في الانخفاض بعد الساعة 10:00 صباحًا، حيث يبقى بعض العاملين فيه والسكان لشراء احتياجاتهم. وهو التوقيت الذي قُصف السوق فيه.

ماذا حدث (ومتى)؟

image10

لقطة من مقطع فيديو التقطه فريق الدفاع المدني السوري للسوق بعد الحادثة مباشرة.

بدأت أولى الإبلاغات حول قصف سوق الهال بالا نتشار على وسائل التواصل الاجتماعي نحو الساعة 11:00 صباحًا، بعد دقائق من الحادثة. حيث نشرت حسابات محلية على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل شبكة المعرة الآن و المركز الإعلامي العام و Ibrahim Khalil Al Badan معلومات عن ضربة جوية على السوق مع تقديرات أولية لعدد القتلى تراوحت بين 3 و 10 أشخاص. كما نشر الناشطان الإعلاميان ماهر أبو شادي و هادي العبد الله تقارير مصوّرة التُقطت بعد ساعة من الضربة، بمزيد من التأكيد لشدة الهجوم، حيث أظهرت الآثار المباشرة للقصف ووصول أوائل المستجيبين. إضافة إلى ذلك، نحو الساعة 16:00، عقب ساعات من الهجوم، نُشرت مقاطع فيديو من قبل الدفاع المدني السوري تظهر عمليات إنقاذ الجرحى المدنيين ونقلهم إلى مشافٍ قريبة من قبل أوائل المستجيبين.

image1

صورة للسوق عقب الغارة الجوية نشرها المركز الإعلامي العام.

كما نٌشرت مقاطع فيديو وتقارير حول الحادثة في الأيام التالية، من قبل منتدى الإعلاميين السوريين, و الدفاع المدني السوري و الجزيرة و الشبكة السورية لحقوق الإنسان و مركز توثيق الانتهاكات في سوريا تظهر الأضرار التي لحقت بالسوق، مع ادّعاءات بمسؤولية الطائرات الحربية السورية عن الغارة الجوية على سوق الهال. فحص الأرشيف السوري كل المواد المنشورة عن الهجوم، متحقّقًا من توقيت وموقع الغارة الجوية، ومن المواد التي يُزعم أنها توثّق آثار الضربة.

تحديد الموقع الجغرافي

استخدم الأرشيف السوري معالم بارزة ظهرت في مقاطع فيديو مختلفة جُمعت عبر الإنترنت ويُدّعى أنها توثق الحادثة للتأكد من وقوع الضربة على سوق الهال. قورنت المباني في السوق ومحيطه بصور الأقمار الصناعية للتحقق من موقع الضربة ومقاطع الفيديو التي تُظهر آثارها. باستخدام تقنيات تحديد الموقع الجغرافي؛ وجد الأرشيف السوري أن الحادثة التي توثقها مقاطع الفيديو قد وقعت بالفعل في سوق الهال وسط معرة النعمان.

image13 تحديد الموقع الجغرافي لسوق الهال من قبل فريق التحقيقات، من خلال مقارنة لقطات من مقاطع فيديو التقطت من قبل الأرشيف السوري (يسارًا) ولقطات من مقطع فيديو نشره المركز الإعلامي العام (يمينًا) مع صور الأقمار الصناعية من غوغل إيرث

تحديد التوقيت

استعان الأرشيف السوري بإفادات الشهود والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وبيانات رصد الطيران للتحقق من التوقيت المزعوم للحادثة. في مقابلة معه أجراها فريق التحقيقات؛ أفاد عبد الخالق عبد المنعم ذكرى قائد فريق الدفاع المدني في معرة النعمان أن الضربة وقعت قرابة الساعة 10:36 صباحًا. بدأت الإبلاغات عن غارة جوية على المدينة بالانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الساعة 10:50 صباحًا، الأمر الذي يتّسق مع شهادة مدير الدفاع المدني السوري. إضافة إلى ذلك، أظهرت بيانات رصد الطيران، الموضحة لاحقًا في هذا التقرير، تحليق طائرات فوق معرة النعمان في وقت قريب لتوقيت وقوع الغارة الجوية، الأمر الذي يؤكد توقيت الحادثة. من خلال هذه المصادر ؛ تحقّق الأرشيف السوري من وقوع الضربة بين الساعة 10:30 - 10:40 صباح 2 ديسمبر 2019.

image11 صورة نشرتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان تظهر الدمار الذي لحق بسوق الهال.

قصة نور سلامة

image3 لقطة من مقطع فيديو تظهر فيه نور سلامة وهي تستعيد اللحظات السابقة والتالية لوقوع الغارة الجوية.

إن قصة نور سلامة، الطفلة التي عُثر عليها تبكي مع شقيقها الأصغر بوجوه مغطاة بالدماء بعد الحادثة، لا تعزز تفاصيل الضربة فحسب - بما في ذلك موقعها وتوقيتها - بل تؤكد شدّتها أيضًا. أعادت نور سرد قصة الغارة في مقابلة نُشرت على فيسبوك في 5 ديسمبر، بعد ثلاثة أيام من الهجوم. تقول نور في المقابلة أنّ أخت جدتها وشقيقها ووالدها، من قرية دير الشرقي المجاورة، توجهوا إلى مشفى معرة النعمان الوطني لاصطحاب جدتها التي أجريت لها عملية جراحية. أثناء عودتهم من المشفى توقفوا عند السوق ليشتري والد نور بعض احتياجاتهم بسرعة.

كانت جدتها وشقيقة جدتها جالستين داخل السيارة، بينما كانت هي وشقيقها جالسين في صندوق الشاحنة المكشوف. ذكرت نور أنها “شاهدت صاروخًا انفجر في السماء”. عندما سقط الصاروخ على الأرض هربت نور من السيارة مع أخيها واختبؤوا في منزل مهدم حيث عثر عليهم المسعفون فيما بعد. تصف نور رؤية الناس يسقطون أثناء دخولها المنزل. وأوضحت أنها أصيبت نتيجة الضربة، بما في ذلك شظايا في كلتا عينيها ووجهها وقدميها. وأشارت إلى أن شقيقها اضطر إلى الخضوع لعملية جراحية لإزالة شظية من إحدى عينيه مع وجود شظايا إضافية عالقة في عينه الأخرى.

صور من عنب بلدي نشرها الإعلامي إياد أبو الجود وتظهر الشاحنة البيضاء التي كانت تقلّ نور وعائلتها.

عمل فريق الأرشيف السوري على التحقق من قصة نور سلامة والتحقيق فيها بشكل أكبر. من خلال التحليل البصري والمقارنة، كان بالإمكان التأكد من أن السيدتين المتوفّيتين واللتين كانتا تجلسان في الشاحنة البيضاء كما هو موضح في مقاطع الفيديو الواردة أعلاه؛ كانتا مريم جدة نور، وشقيقة جدتها جميلة اليوسف. كما تحقق فريق التحقيقات من خلال سجلات المشفى من أن والد نور، أحمد بكور السلامة، قد قُتل جراء الغارة الجوية. في موقع التأثير، حدد فريق التحقيقات الحفرة الناجمة عن الضربة ومكان سقوط الصاروخ بالقرب من السيارة المتوقفة. كانت الحفرة الناجمة عن سقوط الصاروخ بعرض متر واحد وعمق حوالي 20 سم في الشارع الإسفلتي.

image4 المشفى الوطني وسوق الهال كما يظهران في صور الأقمار الصناعية من غوغل إيرث، حيث تقدّر المسافة بينهما بحوالي 1.9 كم.

من خلال مقابلات مع عاملين في المشفى الوطني؛ تحقق فريق التحقيقات أن مريم اليوسف، جدة نور ، كانت قد خضعت لعملية جراحية قبل يوم واحد من الغارة وغادرت المشفى قبل نحو 15 دقيقة من سقوط الصاروخ على السوق. وأكدت ريما شيخ ديب، ممرضة في قسم الإسعاف في مشفى معرة النعمان الوطني، أن مريم اليوسف خضعت لعملية جراحية في المشفى لتدخلها من جديد نحو الساعة 10:45 وقد فارقت الحياة. وأشارت الممرضة إلى أن الأمر كان له تأثير كبير على موظفي المشفى. كما أكد عبد المعين الصوراني، رئيس التمريض في المشفى، في مقابلة مع فريق التحقيقات؛ مغادرة اليوسف المشفى وعودتها إليها مجددًا. بالإضافة إلى الكشف عن حجم الدمار الذي خلفته هذه الغارة الجوية؛ تؤكد قصة نور سلامة ادعاءات الشهود الذين قابلهم الأرشيف السوري وما نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي حول سقوط ضحايا مدنيين نتيجة للضربة.

قتلى ومصابو الضربة الجوية على سوق الهال في معرة النعمان

في الساعات التالية للحادثة؛ نشر كل من الهمام عبد الكريم و عامر أبازيد و رحيل حمامود صورًا قاسية تظهر قتلى ومصابي الغارة الجوية. كما نشر الدفاع المدني السوري صورًا لجهود الإنقاذ وذكر مقتل تسعة أشخاص وإصابة 13 آخرين جراء الضربة. وهو ما أمكن التأكد من من خلال مقابلة لاحقة مع قائد فريق الدفاع المدني في معرة النعمان، حيث ذكر أن تسعة مدنيين قتلوا ونُقل 19 آخرون إلى مراكز طبية في المنطقة لتلقي العلاج. تتطابق الأعداد التي ذكرها فريق الدفاع المدني مع ما نُشر على الإنترنت ومع سجلات المشفى الوطني في معرة النعمان.

إضافة إلى ذلك؛ حصل فريق التحقيقات على سجلات المشفى التي تتضمن أسماء 9 قتلى و 19 جريحًا جراء الغارة. تم التحقق من هذه المعلومات وتعزيزها من خلال المقابلات مع الشهود وموظفي المشفى بالإضافة إلى المعلومات مفتوحة المصدر. لم يتمكن الأرشيف السوري من العثور على منشورات تعزز 11 اسمًا واردًا في سجلات المشفى.

قائمة المشفى بأسماء 9 قتلى:

  1. جهاد البرق - 20 عامًا - معرة النعمان
  2. جميلة اليوسف - 35 عامًا - دير الشرقي (لم تُذكر في المصادر المفتوحة)
  3. حسن الرشيد - 25 عامًا- معرة النعمان
  4. عبد الحميد السبيع - 19 عامًا - معرة النعمان
  5. مريم اليوسف - 4 أعوام - دير الشرقي
  6. أحمد السلامة - 50 عامًا - دير الشرقي
  7. عبد الخالق حميدي - 35 عامًا - معرة النعمان
  8. عبدو العدل - 30 عامًا - معرة النعمان
  9. ناصر الدرفيل - 28 عامًا- معرة النعمان

قائمة المشفى بأسماء 19 مصابًا

  1. حسن الضبعان - 25 عامًا - صرمان - إصابة في الوجه
  2. حذيفة الحمود - 23 عامًا - الغدفا - إصابة في الصدر والمعدة
  3. بشار بزال - 30 عامًا- دركوش - إصابة في الفخذ
  4. خنساء العلي - 20 عامًا - صرمان - إصابة الساعد الأيسر
  5. زهرة العلي - 25 عامًا - صرمان - شظايا في عموم الجسم والصدر
  6. محمد طويش - 20 عامًا - معرة النعمان - أصابع مقطوعة
  7. سالم سلامة - 3 أعوام - دير الشرقي - إصابة في العين
  8. نور أحمد سلامة - 11 عامًا- دير الشرقي - إصابة في الوجه
  9. طلال العدل - 25 عامًا - شظايا في الصدر واليد
  10. عبد السلام الدرفيل - 40 عامًا - معرة النعمان - مصاب بعدة شظايا
  11. محمد هيثم الشلح - 25 عامًا - معرة النعمان - إصابة في الصدر
  12. مجد البرق - 30 عامًا - معرة النعمان - إصابة في الفك
  13. بهاء الشلّح - 22 عامًا - إصابة في الظهر والمعدة
  14. محمود نداف - 27 عامًا- إصابة في القدمين
  15. محمود البرق - 20 عامًا - معرة النعمان- إصابات في اليد، الرأس والوجه
  16. أحمد النونو - 20 عامًا - معرة النعمان - إصابة في الصدر
  17. محمود فادي الشلح - 50 عامًا - معرة النعمان - إصابة في الركبة
  18. عامر الدرفيل - 20 عامًا - معرة النعمان
  19. مجهول الهوية - 40 عامًا - معرة النعمان - شظايا في الأطراف والبطن

في مقابلة معه أجراها فريق التحقيقات؛ أكد عبد المعين الصوراني، رئيس قسم التمريض في المشفى الوطني، أعداد القتلى والجرحى (وليس هويّاتهم) وكذلك وصولهم إلى المستشفى ابتداءً من حوالي الساعة 10:45 صباحًا. ووفقًا للصوراني، ولممرضة في المستشفى تُدعى ريمة، فقد تراوحت الإصابات نتيجة الغارة ما بين لزوم إجراء عملية فورية، إلى تدخل علاجي سريع في سيارة الإسعاف مباشرة. يتسق عدد الجرحى والقتلى، المبين في سجلات المشفى المقدمة لفريق التحقيقات، مع الأضرار الجسيمة وواسعة النطاق التي لحقت بالسوق والمباني المحيطة به.

الخلاصة: بناءً على المصادر المذكورة أعلاه، خلُص الأرشيف السوري إلى أن سوق الهال في معرة النعمان بريف إدلب تعرض لغارة جوية بين الساعة 10:30 و 10:40 صباح 2 ديسمبر 2019. أسفرت الغارة عن مقتل 9 مدنيين، بينهم سيدتان، وإصابة 19 آخرين وفقًا لمصادر مفتوحة المصدر عززتها المعلومات الواردة من الدفاع المدني السوري ، وسجلات المشفى الوطني في معرة النعمان.

الدمار في سوق الهال في معرة النعمان نتيجة الضربة

image2

صورة جوية نشرها المركز الإعلامي العام لسوق الهال عقب الغارة الجوية.

نشر المركز الإعلامي العام صورًا ومقاطع فيديو تظهر الضرر الكبير الذي لحق بالسوق نتيجة الغارة الجوية. يوثّق الفيديو، الذي صُوّر بعد أن أنقذ المستجيبون الأوائل الجرحى وانتشلوا جثث القتلى، الحطام في مباني السوق إضافة إلى فواكه وخضروات متناثرة على الأرض. كما أظهر تضرّر السيارات المتوقفة في السوق ومحيطه ودمار بعضها واحتراق البعض الآخر. وظهرت في مقطع الفيديو بقايا المظلات المصنوعة من صفائح معدنية متكسّرةً ومحطّمة على الأرض، مع بقع دماء ضحايا الضربة.

صورة أقمار صناعية من ديجيتال غلوب لسوق الهال في معرة النعمان قبل الضربة وبعدها. يمكن رؤية الأضرار التي لحقت ببنية السوق وجدرانه الخارجية، بمزيد من التعزيز لحجم الدمار الحاصل إضافة لتاريخ وقوع الحادثة.

كما أظهر مقطع فيديو بُثّ على الهواء مباشرة من قبل تلفزيون سوريا حجارة كبيرة وقطعًا من صفائح معدنية من المباني المحيطة تغطي الأرض. إضافة إلى ذلك، يُظهر الفيديو سيارة هوندا بيضاء اللون كانت تُقلّ نور سلامة مع أسرتها قبل الضربة. تعرضت السيارة لأضرار جسيمة حيث بدا الزجاج الأمامي للسيارة مهشمًا وقد أزيل من مكانه، إضافة إلى ثقوب ناجمة عن دخول شظايا في أنحاء الحافلة، والتي كانت متوقّفة بجوار عدد من المحلات المدمرة.

image12 لقطة من مقطع فيديو نشرته قناة تلفزيون أورينت للسوق والمناطق المحيطة به بعد الضربة. تظهر هذه الصورة الشاحنة البيضاء حيث كانت نور سلامة مع عائلتها عندما ضرب الصاروخ السوق.

ونشر كل من تلفزيون العربي والناشط الإعلامي إياد أبو الجود وثائق إعلامية إضافية أظهرت سعة الأضرار التي لحقت ببنية السوق نفسه وكذلك المنازل والسيارات المحيطة. وصوّرت مقاطع الفيديو التي نشرتها قناة تلفزيون أورينت و شبكة بلدي على وجه الخصوص تلف المنتجات المباعة في السوق من فواكه وخضروات والتي تشكل قوت سكان المدينة.

image7 لقطة من مقطع فيديو التقطه فريق تحقيقات في سوق الهال معرة النعمان بعد يومين من الحادثة. عمل فريق أوائل المستجيبين وسكان المدينة على إزالة الأنقاض وإصلاح السوق بعد الضربة مباشرة.

كما التقط فريق تحقيقات الأرشيف السوري صورًا ومقاطع فيديو للسوق بعد يومين من الحادثة، بمزيد من التحقق من حجم الأضرار التي لحقت بالمحلات التجارية والبنى الخارجية للسوق. تم التقاط الصور واللقطات بعد إزالة الركام الناجم عن الغارة الجوية.

الخلاصة: من خلال المصادر المذكورة أعلاه، يمكن للأرشيف السوري أن يؤكّد الدمار الذي لحق بسوق الهال، وهو مركز للتجارة المدنية في معرة النعمان، جراء الغارة الجوية في 2 كانون الأول 2019.

بيانات رصد الطيران والأطراف المسؤولة المحتملة

بغرض إضافة طبقة أخرى من التحقق؛ قارن الأرشيف السوريّ النتائج المستخلصة من الوسائط مفتوحة المصدر أعلاه ومن الصور ومقاطع الفيديو المُلتقطة من قبل فريق التحقيقات مع بيانات رصد الطيران من قبل منظمة مراقبة، والتي توثّق رصد طائرات حربية من قبل شركاء مراقبين في جميع أنحاء سوريا. يجمع هؤلاء المراقبون بيانات حول الطائرات، مثل نوع الطائرة واتجاه تحليقها. على الرغم من احتمال وقوع أخطاء في تحديد هويّة الطائرات في بيانات الرحلات الجوية؛ إلا أن معلومات إضافية كإفادات الشهود ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تعزّز طراز الطائرة المحدّدة ومسارها. استلزمت هذه العملية رصد بيانات الطيران قبل الضربة، أثناءها وبعدها مباشرة، نحو الساعة 10:35 ، بمحيط معرة النعمان وتحليلها بدقة.

بدايةً من حماة؛ رُصدت طائرة ميغ 23 (Flogger) تقلع نحو الشمال الشرقي من مطار حماة العسكري في الساعة 10:24. بعدها بدقيقتين، رُصدت طائرة سوخوي 22 (Fitter) تغادر قاعدة الشعيرات العسكرية في حمص نحو الشمال. بينما رُصدت هذه الطائرات تحلق نحو الشمال؛ شوهدت طائرة سوخوي 22 (Fitter) تحلق دائريًا فوق جرجناز، بلدة على بعد 10 كم غرب معرة النعمان، في الساعة 10:21 و 10:24. في الساعة 10:23 شوهدت طائرة سوخوي 22 (Fitter) فوق جرجناز تحلّق غربًا. في حدود التوقيت المقدر للحادثة، نحو الساعة 10:37، شوهدت طائرتا ميغ 23 (Flogger) وسوخوي 22 (Fitter) تحلقان دائريًا فوق معرّة النعمان. وكانت تحقيقات سابقة قد خلُصت إلى أن تحليق الطيران الحربيّ الدائري فوق موقعٍ ما يُشير عادةً إلى محاولة الاستحواذ على الهدف و/أو التحضير لهجوم وشيك. إن رصد كلنا الطائرتين ، ميغ 23 و سوخوي 22، والمُستخدمتين من قبل القوات الجوية السورية تحومان فوق معرة النعمان والبلدات المحيطة يعزّز التوقيت المقدّر للحادثة والمُبلغ عنه من قبل الدفاع المدني السوري والإعلام مفتوح المصدر، إضافة إلى الشهود الذين قابلهم فريق تحقيقات الأرشيف السوري.

رغم أن هذه البيانات تؤكد توقيت وقوع الحادثة؛ إلا أنه لا يتوافر دليل مباشر يشير إلى ضلوع إحدى الطائرات المرصودة مباشرة في الضربة المفصّلة أعلاه. مع ذلك، فإن تواجد طائرات حربية من طراز ميغ 23 وسوخوي 22 فوق معرة النعمان والبلدات المجاورة في حدود التوقيت المُبلغ عنه للضربة يؤكّد التوقيت المقدّر لإصابة الصاروخ سوق الهال في المدينة.

علاوة على ذلك؛ في مقابلة معه أجراها فريق التحقيقات، ذكر أبو بحر، مدير مرصد آخر بالقرب من معرة النعمان، أن شركاءه رصدوا طائرة سوخوي 22 تقلع من مطار التيفور بحمص في الساعة 10:26 من يوم الحادثة. وذكر أبو بحر أن الطائرة تحركت شمالاً حتى وصلت إلى ريف معرة النعمان الشرقي وشنت غارات على قريتي جرجناز والمشيرفة. وفقًا ﻷبو بحر؛ فقد واصلت الطائرة تحليقها شمالًا باتجاه سراقب ثم معرة النعمان، حيث قصفت البلدة بصاروخ واحد في الساعة 10:36. رغم أن هذه المعلومات تتعارض مع تحليل الأرشيف السوري، إلا أنها تؤكد رصد طائرة سوخوي 22 فوق معرة النعمان في حدود التوقيت المزعوم للضربة.

الخلاصة: يشير وجود طائرات حربية من طراز سوخوي 22 و ميغ 23 فوق معرة النعمان والبلدات المجاورة في وقت وقوع الغارة، على النحو المفصّل أعلاه، إلى أن هذه الطائرات ربما شاركت في تنفيذ الضربة. رغم ذلك، فإنه وحتى تاريخه، لا تتوافر معلومات إضافية تؤكد ذلك، سوى ادعاءات الشهود ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي أوردها الأرشيف السوري في هذا التحقيق. لذا، فإنه من غير الممكن الجزم بمسؤولية الحكومة السورية عن الهجوم.

خاتمة

وفقًا للمعلومات المذكورة أعلاه، فقد تعرض سوق الهال في معرة النعمان ما بين الساعة 10:30 إلى 10:40 من صباح 2 ديسمبر 2019 لغارة جوية. أسفرت الضربة عن مقتل 9 مدنيين وإصابة ما لا يقل عن 19 شخصًا. على الرغم من عدم قدرة الأرشيف السوري على تحديد الجهة المسؤولة عن هذه الضربة بشكل قاطع؛ إلا أن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي وبيانات رصد الطيران أشارت إلى القوات الجوية السورية كمسؤول محتمل عن هذه الحادثة.

logo

الأرشيف السوري

الأرشيف السوري هو مشروع مستقل تمامًا، لا يقبل الدعم المالي من الحكومات المتورطة بشكلٍ مباشر في النزاع السوري. نسعى للحصول على التبرعات من الأفراد لنتمكّن من الاستمرار بعملنا. يمكنكم دعمنا عبر صفحة باتريون الخاصة بالمشروع.

تبرّع
Mnemonicالأرشيف السودانيالأرشيف اليمنيukrainian archive
اشترك بقائمتنا البريدية