logo
الأرشيف السوري
logo
الأرشيف السوري

التحقيقات

المرافق الصحية تحت النار: مركز الرعاية الصحية في بصر الحرير

٨ حزيران ٢٠٢٠

تحقيق يتناول استهداف مركز رعاية صحية في بصر الحرير

اطبع المقال

حول الحادثة

  • مكان الهجوم : درعا: بصر الحرير
  • موقع التأثير: مركز الرعاية الصحيّة في بلدة بصر الحرير
  • التاريخ: 24 يونيو/حزيران 2018
  • التوقيت: حوالي الساعة 17:00 وفقًا لـ UOSSM.
  • المستفيدون من المشفى: حوالي 5000 مريض شهريًا وفقًا لـ UOSSM.
  • الضحايا المبلغ عنهم: غير متوفر.
  • الجرحى المًبلغ عنهم: غير متوفّر:
  • الذخائر المحدّدة: غير معروف.
  • المسؤول المحتمل: أشارت كلّ من بيانات رصد الطيران والمعلومات مفتوحة المصدر إلى مسؤولية القوات الجوية السورية عن الهجوم.

مقدمة

في يوم السبت 23 حزيران/يونيو 2018 بدأت قوّات الحكومة السوريّة هجوماً على معاقل المعارضة المسلّحة في محافظة درعا جنوب سوريا؛ وذلك عقب عدّة أيّام من قصف مكثّف على المنطقة بدأ يوم الثلاثاء 19 يونيو. ووفقَا لروزنة، وهي “إذاعة مستقلة غير مرتبطة بأجندات سياسية أو دينية”، فإن طائرات حربية سورية وروسية شنّت غارات جوية مكثّفة على المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في درعا. يتناول هذا التحقيق الهجوم على بصر الحرير؛ وبالتحديد دمار المركز الصحي في البلدة وخروجه عن الخدمة في 24 يونيو 2018.

المنهجية

أجرى الأرشيف السوريّ تحقيقًا حول الحادثة، اعتمادًا على ثلاث خطوات:

(1) حفظ، تحليل والتحقق من حوالي 50 مقطع فيديو وصورة رُفعت على شبكات التواصل الاجتماعي يُدّعى أنها توثّق الحادثة؛ (2) تحليل صور الأقمار الصناعية وبيانات رصد الطيران؛ (3) وكان هذا التحقيق خلاصة مراحل متعددة من التحليل للمصادر المتاحة. زوّدت المصادر، المتكاملة فيما بينها، الفريق بمعلومات مرتبطة بتاريخ الهجوم، توقيته، موقعه، الإصابات والأضرار الناجمة عنه.

عبر فحص جميع المعلومات المتاحة حول الهجوم، طوّر فريق التحقيقات فهمًا للحادثة وللمسؤولين المحتملين.

للاطلاع على المزيد حول منهجية البحث في الأرشيف السوري، يرجى زيارة موقعنا

حول الهجوم

تقع بلدة بصر الحرير على بعد 90 كم جنوب شرق العاصمة دمشق، ولها أهمية استراتيجية لقربها من الطريقM5، وهو اوتستراد دولي يمتدّ من جنوب سوريا إلى حلب شمالًا مرورًا بدمشق وحمص. نظرًا لهذا الموقع الاستراتيجي، ركزت القوات الحكومية على استعادة السيطرة على بصر الحرير لفتح الطريق باتجاه درعا وتسهيل استعادتها.

رغم موقعها الاستراتيجي؛ تعتبر بصر الحرير ضمن مناطق خفض التصعيد. تم الاتفاق على مناطق خفض التصعيد في مايو 2017 من قبل روسيا، إيران وتركيا، وهي أماكن تَقرّر وقف الأعمال القتالية فيها. شملت هذه الاتفاقية محافظة ادلب وبعض أجزاء محافظات اللاذقية وحماة وحلب وشمال محافظة حمص والغوطة الشرقية ومدينتي درعا والقنيطرة في الجنوب السوري.

صور مأخوذة من غوغل إيرث لبصر الحرير والمناطق المحيطة بها، إضافة لمناطق خفض التصعيد.

تظهر LiveUAMap، وهي أداة خرائط تفاعلية تعرض الأحداث الرئيسية ومناطق السيطرة في سوريا، دخول القوات الحكومية لمناطق خفض التصعيد واقترابها من بصر الحرير والإحاطة بها في 24 يونيو. وهو ما يؤكّد ما نُشر عبر حسابات مؤيدة للحكومة السورية في 24 يونيو حول جهود الحكومة الحثيثة لاستعادة السيطرة على البلدة.

image2601 لقطة شاشة من LiveUAMap تظهر توزع السيطرة في المناطق المحيطة ببصر الحرير يوم الهجوم. مناطق الحكومة باللون الأحمر، ومناطق المعارضة باللون الأخضر .

بدأ القتال في بصر الحرير في 24 يونيو، حيث أبلغت منشورات، مقاطع فيديو وصور صبيحة ذلك اليوم أن المدينة تُقصف من قبل قوات حكومية وميليشيات مرافقة لها. في الساعة 11:01 نشرت إذاعة شام إف إم خبرًا عن بدء دخول الجيش النظامي إلى البلدة. كما نُشرت فيديوهات، صباح الهجوم، يُدّعى أنها تصوّر بدايات القصف المدفعي و الغارات الجويّة على بصر الحرير. إضافة إلى ذلك؛ نشرت وكالة سمارت نيوز صورًا التُقطت في 24 يونيو تظهر الهجوم البري والجوي على بصر الحرير. أظهرت بيانات رصد الطيران (الواردة لاحقًا في هذا التقرير) طائرات تحلّق فوق البلدة صباح الهجوم، بدءًا من الساعة التاسعة تقريبًا؛ وهو ما يؤكّد المنشورات التي أبلغت عن غارات جوية على بصر الحرير.

في مساء 24 يونيو، دخل الجيش السوري والميليشيات المرافقة له بصر الحرير بعد دعمه جوًّا من الطيران السوري والروسي. بدأت المنشورات المعلنة لدخول الجيش بالظهور حوالي الساعة 19:40. في الوقت نفسه نشر بعض الجنود، من بينهم عبد الله ملاح، صورًا لهم على ما ادّعوا أنه الخطوط الأمامية قرب البلدة.

في الأيام التالية للاقتحام، نشر جنود آخرون صورًا وومقاطع فيديو تظهرهم في مدينة بصر الحرير مُعلنين الاستحواذ على البلدة واحتفالهم بذلك، إضافة إلى ذكر التكتيكات المستخدمة من قبل الحكومة للسيطرة على الأراضي. تعرّف الأرشيف السوري على بعض الجنود الظاهرين في هذه المنشورات، بشكل خاص في هذه الصور، كعناصر تابعين للواء الخامس من الفيلق الخامس في الجيش العربي السوري. علاوة على ذلك؛ أشارت صور أخرى إلى مشاركة قوات النمر التابعة للجيش العربي السوري في هجوم بصر الحرير. في الساعة 15:29 من يوم 16 يونيو، عقب يومين من الاقتحام، نشر فراس حسن الساعور مقطع فيديو يظهر فيه أمام مركز شرطة بصر الحرير الحرة. وذكر الساعور في المقطع أن الهجوم استمر 24 ساعة، ووصف استعادة بصر الحرير بالاستراتيجية حيث ستكون مدخلًا للقوات الحكومية باتجاه درعا. ونُشرت مقاطع فيديو وصور مشابهة تظهر جنودًا في المدينة وحولها وذلك عقب أيام من الهجوم. كما أظهرت صور قادة فوجي الهواشم والحوارث التابعين لقوات النمر يحتفلان بالنصر بين الجنود. كما نشرت وكالة سانا، منظمة أنباء ترعاها الحكومة السورية، تقريرًا يتحدث عن الاقتحام بالتفصيل.

image253 لقطة من مقطع فيديو نشره الساعور مُلتقط من أمام مركز شرطة البلدة الحرة.

للتثبّت من استعادة القوات الحكومية لبصر الحرير والتحقق من منشورات الجنود التي احتفت بالنصر؛ حدّد الأرشيف السوري موقع صور الجنود في البلدة. أكّد تحديد الموقع الجغرافي الصور ومقاطع الفيديو التي أظهرت الجنود يمشون بحرية في مركز بصر الحرير وأطرافها، وهو ما يعزّز نصر القوات الحكومية.

image255 تحديد الموقع الجغرافي لصورة نشرها أوس عيد على فيسبوك، التابع لوحدة الهندسة في قوات النمر، ولمقطع فيديو منشور من قبل صفحة داماس بوست على فيسبوك تم تصويره غربي بصر الحرير عقب الهجوم على المدينة

تعرّض مركز الرعاية الصحية للقصف والدمار نتيجة للقصف الجوّي والبري العنيفين خلال الاقتحام، حسبما ذكر التقرير السنوي للجنة حقوق الإنسان في سوريا ، ما يدلّ على حدّة القتال الدائر آنذاك.

حول المنشأة

تأسس مركز الرعاية الصحية في بصر الحرير، والذي تسبب هجوم يونيو 2018 بدماره، في 15 نوفمبر 2009 من قبل الحكومة السورية تحت مسمّى مركز طب الأسرة، وفقًا لمقال نشره الموقع الإلكتروني لمجتمع بصر الحرير. يتضمن المقال صورًا تظهر المنشأة الطبية قبل الهجوم وموقعها.

صور من وزارة الإدارة المحلية لافتتاح المنشأة الطبية في 2009

من خلال الصور المتاحة للعموم عبر الإنترنت، أمكن للأرشيف السوري أن يتأكد من أن المركز الذي قُصف عام 2018 هو نفسه الذي أُنشئ عام 2009. وهو ما يشير إلى أن الحكومة السورية كانت على دراية بوجود المنشأة الطبية وموقعها أثناء اقتحام بصر الحرير. رغم كونه منشأة حكومية في الأساس، إلا أن مركز الرعاية الصحية كان قد رُمم ودُعم من قبل اتحاد المنظمات الطبية الإغاثية السورية (UOSSM) في وقت سابق للهجوم. وأشار اتحاد UOSSM في منشور على فيسبوك أن المركز كان يُخدّم 5000 مريض شهريًا.

image21 صور من وكالة نبأ للأخبار مُلتقطة عام 2018، وأخرى من وزارة الإدارة المحلية عام 2009. تطابق المعالم البارزة في الصور بما في ذلك المدخل الرئيسي، البوابة ولون البناء، وهو ما يؤكد أن الصور تعود للمنشأة نفسها.

ماذا حدث؟

image39 صورة للمركز الصحي عقب الهجوم نشرتها وكالة نبأ.

وفقًا لاتحاد “UOSSM” وللوسائط المفتوحة المصدر التي تم التوثّق منها؛ في 24 يونيو، قُصف مركز الرعاية الصحية غربي بصر الحرير جوًّا خلال اقتحام البلدة ما تسبب بدمار واسع لحق بالمنشأة. كما نشر اتحاد UOSSM في 25 يونيو بيانًا يدّعي استهداف المنشأة في الساعة 17:00 من يوم 24 يونيو، نجم عنه أضرار واسعة النطاق. أظهرت بيانات رصد الطيران طائرات ومروحيات تحلق بشكل دائري فوق بصر الحرير حوالي الساعة 17:00، وهو ما يعزّز استهداف المركز الصحي بغارة جوية.

image24 لقطة شاشة من منشور UOSSM على فيسبوك.

نشرت وكالة نبأ الإعلامية عدة صور تظهر المركز الصحي عقب الهجوم، مع ذكر خروجه عن الخدمة. في 24 يونيو نشرت عدة صفحات على فيسبوك، من بينها أخبار حوران بلاغات حول الهجوم، مع التأكيد على خروج المنشأة عن الخدمة. إضافة إلى ذلك؛ نشرت وكالة سمارت نيوز تقريرًا مصورًا حول الهجمات على بصر الحرير يظهر فيه بناء المنشأة من الخارج.

صور نشرتها وكالة نبأ لدمار المركز الصحي والأدوية نتيجة للهجوم.

تحديد الموقع الجغرافي

أثناء التحققّ من وقوع الهجوم على المنشأة الصحية؛ حدّد الأرشيف السوري موقع مركز الرعاية الصحية في بصر الحرير بالاستعانة بصور ومقاطع فيديو للمركز قبل النزاع السوري وأثناءه. نشرت قناة الجزيرة تقريرًا مصوّرا في 2015 ؛ يتضمّن جولة على بلدة بصر الحرير والمناطق المحيطة. أمكن للأرشيف السوري تحديد معالم بارزة، بما فيها مدرسة وجامع بالقرب من المنشأة، وذلك من خلال صور افتتاحها عام 2009، وهو ما ساعد على تحديد الموقع الجغرافي للمركز الصحي المستهدف غربي بصر الحرير.

image31 تحديد الموقع الجغرافي للمنشأة الطبية بالاستعانة بتقرير قناة الجزيرة المصوّر.

image7 صورة أقمار صناعية التقطت بتاريخ 9 يونيو 2018، وتظهر فيها المنشأة الطبية (إلى اليمين) والمدرسة المجاورة (إلى اليسار).

تحليل بيانات رصد الطيران

بغرض إضافة طبقة أخرى من التحقق؛ قارن الأرشيف السوريّ النتائج المستخلصة من الوسائط مفتوحة المصدر أعلاه مع الصور/مقاطع الفيديو المُلتقطة من قبل فريق التحقيقات وبيانات رصد الطيران من قبل منظمة مراقبة. استلزمت هذه العملية رصد بيانات الطيران في يوم الهجوم بالقرب وفي كل من درعا، السويداء، وريف دمشق في 24 من يونيو 2018 وتحليلها بدقة.

ابتداءً من الصباح (حوالي الساعة 09:00) وحتى ما بعد ظهر 24 يونيو، رُصدت طائرات تغادر كلًا من مطاري الشعيرات و T4 في حمص، قاعدة حميميم في اللاذقية، قاعدتي الضمير والسين في ريف دمشق، وقاعدة خلخلة في السويداء، وذلك باتجاه درعا. الطائرات التي رُصدت تغادر هذه القواعد هي: Su-22 (Fitter), Su-24 (Fencer), MiG-21 (Fishbed), MiG-23 (Flogger), طائرة هجوم أرضي حكومية خفيفة, ومروحية Mi-8 (Hip) .

المحافظةالقاعدة الجويةبعد القاعدة الجوية عن بصر الحرير
حمصالشعيرات190 كم
حمصT4 غرب221 كم
اللاذقيةحميميم285 كم
ريف دمشقضمير94 كم
ريف دمشقالسين125 كم
السويداءخلخلة33 km

بعد ذلك؛ رُصدت هذه الطائرات تُحلّق بشكل دائري وتطير فوق بلدات في درعا، مثل اللجاة، عاسم، الحراك، المسيكة، وبصر الحرير. صبيحة 24 يونيو، رُصدت بداية طائرة Su-22s (Fitter) تحوم فوق بصر الحرير في الساعة 09:23، واستمر هذا التحليق من الطائرة نفسها حتى الساعة 10:41. إضافة إلى ذلك، منذ الساعة 09:35 وحتى 11:29، رُصدت Su-24s (Fencer) تحلّق بشكل دائريّ فوق بصر الحرير. توقّف التحليق فوق البلدة ما بين 11:00 وحتى 13:00 تقريبًا؛ ليستأنف مجددًا بطائرات هجوم أرضي حكومية خفيفة ومروحيّات Mi-8 (Hip) إلى جانب Su-22s و Su-24s ؛ حيث رُصدت هذه الطائرات فوق البلدة بعد الساعة 13:00 وحتى 21:00 و 23:00. إضافة إلى طائرات رُصدت خلال اليوم تحلّق فوق بلدات ناحتة (على بعد 6 كم) والحراك (على بعد 10 كم).

وكانت تحقيقات سابقة قد خلُصت إلى أن تحليق الطيران الحربيّ الدائري فوق موقعٍ ما، وهو ما رُصد مرارًا فوق بصر الحرير والقرى المجاورة، عادةً ما يُشير إلى محاولة الاستحواذ على الهدف و/أو التحضير لهجوم وشيك. علاوة على ذلك، فإن التحليق فوق بصر الحرير والقرى المجاورة ، يوم الهجوم 24 يونيو ، يعزز الهجمات الجوية على مركز الرعاية الصحية في بصر الحرير. إضافة إلى ذلك، وبالنظر إلى أن غالبية الطائرات التي تم رصدها فوق بصر الحرير مُستخدمة من قبل القوات السورية بشكل متكرر ، فمن المرجح أن المسؤول عن هذه الهجمات هو الحكومة السورية. رغم أن هذه البيانات تتطابق مع التقارير حول جهود الحكومة السورية لاستعادة السيطرة على المحافظة؛ إلا أنه لا يوجد دليل مباشر على ضلوع إحدى الطائرات المرصودة في الهجوم على مركز الرعاية الصحية في بصر الحرير.

خاتمة

في حملتها لاستعادة السيطرة على محافظة درعا، قصفت طائرات سورية وروسية قرى وبلدات في المحافظة مما تسبب في إلحاق أضرار ودمار في منشآتها الحيوية. في 24 يونيو 2018، وأثناء محاولة القوات الحكومية الاستحواذ على بصر الحرير، قُصف مركز الرعاية الصحية في البلدة مما أخرجه عن الخدمة. تم التأكد من توقيت الهجوم وحجم الدمار اللاحق بالمنشأة من خلال بيانات رصد الطيران والوسائط مفتوحة المصدر. على الرغم من عدم قدرة الأرشيف السوري على تحديد هوية مرتكبي هذه الهجمات بشكل جازم، إلا أن بيانات مراقبة الرحلات الجوية، وسائط مفتوحة المصدر أبلغت عن طائرات حربية سورية تحلّق فوق بصر الحرير، وسياق الهجوم المرتبط بجهود الحكومة السورية لاستعادة درعا؛ جميعها تشير إلى الحكومة السورية كمسؤول محتمل عن الحادثة.

logo

الأرشيف السوري

الأرشيف السوري هو مشروع مستقل تمامًا، لا يقبل الدعم المالي من الحكومات المتورطة بشكلٍ مباشر في النزاع السوري. نسعى للحصول على التبرعات من الأفراد لنتمكّن من الاستمرار بعملنا. يمكنكم دعمنا عبر صفحة باتريون الخاصة بالمشروع.

تبرّع
Mnemonicالأرشيف السودانيالأرشيف اليمنيukrainian archive
اشترك بقائمتنا البريدية