logo
الأرشيف السوري
logo
الأرشيف السوري

التحقيقات

بعد ستّة أشهر

مرافق صحية تحت النار

اطبع المقال

مُقدمة

تعرضت أربعة مشافٍ في محافظة إدلب واقعة ضمن مناطق تخفيض التصعيد إلى هجمات بسلاح الجوّ خلال الفترة الممتدة من 03 يناير 2018 وحتى 05 فبراير 2018، و تُشير الأدلة البصريّة، إفادات الشهود، وبيانات مراصد الطيران إلى أن سلاح الجوّ هذا تابعُ للقوات السوريّة أو الروسيّة. ثلاثة من هذه المشافي هوجمت في أسبوعٍ واحدٍ فقط.

وكان الأرشيف السوري في تموز / يوليو 2017 قد نشر بالشراكة مع منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، العدالة من أجل الحياة، بلينغكات، ومؤسسة للرصد الجويّ تقريرًا بعنوان مرافق صحيّة تحت النار: هجمات مُمنهجة ضد مشافي إدلب خلال نيسان / إبريل 2017. يُفصّل هجمات استهدفت ثمانية مشافٍ أو مرافق طبيّة خلال شهرٍ واحد ضمن محافظة إدلب.

وقد أشارت النتائج التي خلص إليها ذلك التقرير أن القوات المُسلّحة السورية والروسيّة كانت مسؤولة عن الهجمات الثمان تلك، والتي استهدفت مشافٍ سوريّة ومراكز طبيّة تُقدّم خدماتها لما مجموعه 1.3 مليون إنسان (وهي مجموعة أكبر من تعداد سكّان بروكسل)، كما أفادت تصريحات الشهود وتأكيدات مدراء تلك المرافق. وفي وقتٍ لاحق أكّدت لجنة التحقيق وبعثة تقصي الحقائق والتحقيقات التابعة للأمم المتحدّة؛ الاستهداف المُمنهج للمرافق الطبيّة من قبل الحكومة السوريّة خلال نيسان / إبريل 2017 بالإضافة إلى الاستخدام غير المشروع للأسلحة الكيماوية.

مناطق خفض التصعيد

في 4 مايو/أيار 2017، وقعت الدول الراعية لمحادثات الأستانة (روسيا، تركيا، وإيران) مذكرة تفاهم لإنشاء مناطق خفض تصعيد في سوريا لمدّة ستة أشهر على الأقل، والتي تم تمديدها في أستانة 7 بتاريخ 31 أكتوبر 2017. قامت وزارة الدفاع الروسية بنشر خريطة تظهر المواقع المشمولة في مذكرة التفاهم هذه كما هو واضح أدناه (مناطق خفض التصعيد باللون الأزرق، داعش باللون الرمادي، والجيش السوري باللون البرتقالي). انظر أدناه:

Russian MOD video

Map of de-escalation zone

وشملت هذه المناطق محافظة إدلب، وبعض أجزاء من شمالي محافظة حمص، وبعض أجزاء من المحافظات المجاورة (اللاذقية وحماة وحلب) والغوطة الشرقية بريف دمشق وبعض أجزاء جنوب سوريا.

وبعد أربعة أيام فقط من اجتماع أستانة الدولي لإعلان مناطق خفض التصعيد في سوريا، أُبلغ عن استهداف ثلاثة مرافق طبيّة في إدلب تخدم ما مجموعه 100.000 شخص شهريًا بواسطة غارات جويّة نُسبت إلى القوات الجويّة الروسية أو السورية وذلك في يومٍ واحد.

اليوم، وبعد مُضيّ ستّة أشهر لم يتغيّر سوى القليل، فلا تزال المشافي خطوطًا أماميّة في النزاع السوري.

بيان وزاري روسي رافض

شهد الأسبوع الأول من شباط / فبراير 2018 موجة اهتمام من وسائل الإعلام على تورط روسي مُحتمل في قصف استهدف المدنيين في سوريا. ردًا على ذلك أصدرت السفارة الروسية في بريطانيا تصريحًا صحفيًا بتاريخ 15 فبراير 2018 مدعيًا أن “وسائل الإعلام الغربية” قد شنّت حملة تضليل بهذا الخصوص، ويزعم البيان الصحفي أن “المعلومات الخاطئة تزعم بأن القوات الجويّة الروسية ضربت مناطق للمتمردين في إدلب ما أدى إلى مقتل مدنيين وتضرر بنىً تحتية من بينها مبانٍ طبيّة. انظر أدناه:

Ministry statement

البيان السابق يعني ضمنًا (على الرغم من أنه لا ينكر صراحةً) أن القوات الجويّة الروسيّة ليست مسؤولة عن قصف البنى التحتية المدنيّة، بما في ذلك المشافي والمرافق الطبية. البيان نفسه ينصّ لاحقًا على أنه “وفي 03 فبراير كانت الطائرة الروسيّة سو-25 الهجوميّة التي قادها الرائد رومان فيليبوف… رصد الامتثال لوقف إطلاق النار في مناطق خفض التصعيد في ادلب” وذلك في الوقت الذي أُسقطت فيه طائرته.

إن استهداف أربعة مشافٍ في إدلب من قبل الغارات الجويّة خلال أربعة أسابيع يُشير إلى أنه، وبغض النظر عما إذا كانت الطائرات الروسية تستهدف المرافق الطبية وغيرها من الأشخاص والأعيان المحميين على وجه الخصوص عمدًا أو لا، فإن كلًا من روسيا، تركيا، وإيران قد فشلت في تنفيذ مقررات اتفاق مناطق خفض التصعيد. فعلى سبيل المثال، ومن خلال تحليل بيانات المراصد الجويّة ليوم 4 شباط / فبراير 2018 وهو اليوم الذي استهدف فيه المشفى الوطني في معرة النعمان، رُصدت عدّة طلعات جويّة انطلقت من قاعدة حميميم الجويّة (والتي تُسيطر عليها القوات الروسيّة) وحلّقت شمالًا ثم عادت وقصف المشفى الوطني في الساعة 20:40.

وفي تصريح سابق لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن هجوم 2016 على قافلة مساعدات إنسانية بالقرب من حلب، صرّح الوزير: “لا يستطيع سلاح الجوّ السوري القيام بهذه العمليّة [هناك]، لأن الهجوم على القافلة تمّ ليلًا، ولا تُنفّذ القوات الجويّة السورية طلعات بهذا الوقت ولا تملك الإمكانيات اللازمة لذلك”.

وهذا يعني ضمنًا إما أن: 1) البيان غير دقيق، وأن القوات الجويّة السورية لديها القدرة على الطيران ليلًا، ما يجعلها فاعلًا محتملًا لهجوم عام 2016 على قافلة المساعدات الإنسانية. 2) أو أن القوات الجويّة السوريّة حسّنت قدراتها بشكل كبير منذ 2016 مما يسمح لها بالقيام بطلعات جويّة ليلًا انطلاقًا من القاعدة الجويّة الروسيّة بالإضافة إلى قواعدها الخاصّة. 3) أو أن الطائرات الروسيّة شاركت بالهجوم على المرافق الطبيّة في إدلب. 4) أو أن طرفًا ثالثًا يُشغّل الطائرات الحربيّة الروسيّة من قاعدتها الجويّة وهو من شارك بالهجوم على المرافق الطبيّة في إدلب، وأن القوات الروسيّة فشّلت في إخضاعه لأوامرها داخل القاعدة العسكريّة الخاصة بها.

وضع الحماية لموظفي القطاع الطبي

وبموجب القانون الإنساني الدولي، يتمتع الموظفون في المجال الصحي بحالة محمية. وكجزء من وضعهم المحمي لا يمكن استهدافهم من قبل أيٍّ من أطراف النزاع المسلّح. ويُحدّد القانون العاملين في المجال الطبي على أنهم “الموظفون المعينون - من جانب أيٍ من أطراف النزاع - حصرًا للبحث عن الجرحى والمرضى والغرقى أو جمعهم أو تشخيص حالتهم أو علاجهم - بما في ذلك الإسعافات الأولية، أو إجراءات الوقاية من الأمراض - أو نقلهم من أو إلى إدارة الوحدات الطبية، أو تشغيل أو نقل وسائل النقل الطبي”. وعلاوة على ذلك يتمتع الأشخاص الذين يؤدون واجبات طبية ولا يدخلون في هذا التعريف القانوني، والذين يتعرضون لهجوم عند تقديمهم لخدمات طبية مماثلة - بنفس الحماية، وذلك بموجب القانون الإنساني الدولي.

كما أن مبدأ التناسب يحظر على أطراف النزاع المُسلّح شن هجمات قد تضر بالموظفين بالمجال الطبي بشكل مفرط، مقارنة مع المزايا العسكرية الملموسة المرتقبة منها. وتقتضي المادة الثالثة من اتفاقيات جنيف كذلك إلى جمع الجرحى والمرضى ورعايتهم أثناء النزاع المسلح.

حول التقرير

وقد عمل الأرشيف السوري وشركاؤه ( سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، فريق تحقيق البيلينغ كات) على تحليل هذا النمط من الهجمات والتحقق منه من خلال مقارنة مجموعة من المحتوى البصري مفتوح المصدر، بيانات مراقبة الرحلات الجوية، وتصريحات الشهود. وقد اتسمت هذه الهجمات (حسب النتائج) بالقصف المتتابع للمكان، عدم إعطاء تحذيرات، وغياب أية أعمال عسكرية عدائية نشطة بالقرب من مواقع الهجوم. ويأمل المؤلفون، من خلال جمع، التحقق وكتابة التحقيقيات حول هذه الحوادث، في الحفاظ على المعلومات الهامة التي يُمكن استخدامها لأغراض المدافعة أو كدليل في الإجراءات المستقبلية الساعية نحو المساءلة القانونية.

يتضمن هذا التقرير تحديد الضرر، توضيح سياق المحتوى المرئي (50 فيديو موثّق) ومقارنته مع إفادات الشهود (10 شهادات) ومع بيانات رصد الرحلات الجوية (1696 مشاهدة) المُقدّمة من قبل منظمة رصد للطائرات في المنطقة المجاورة للمستشفيات وقت الهجمات. وقد حُدّد الموقع الجغرافي للمحتوى الرقمي بالتعاون مع فريق التحقيقات في Bellingcat.

ومن خلال دراسة مجموعة متنوعة من مصادر المعلومات لكل هجوم، تمكن الأرشيف السوري من دعم وتعزيز النتائج المستخلصة من قاعدة بيانات الأشرطة المرئية. تم تحليل المحتوى المرئي المجموع والمتحقق منه من قبل الأرشيف السوري على نطاق واسع - يتضمن ذلك تحديد الموقع الجغرافي بدقة، إضافة للذخائر المستخدمة.

من أجل مطابقة النتائج التي تم التوصل إليها عن طريق المحتوى المرئي؛ زُوّد الأرشيف السوري ببيانات رصد الطيران من قبل منظمة توظّف شبكة متطورة من المراقبين. بعد تحليل المحتوى المرئي وبيانات رصد الطيران، حدد الأرشيف السوري مقتطفات من أقوال الشهود والضحايا؛ والتي جُمعت من قبل منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وتم دمج هذه الشهادات مع النتائج المستخلصة من التحليل السابق لتقديم إفادات شهود معززة لكل هجوم.

يتم تقديم نظرة عامة مفصّلة لكل حادث على حدة في الصفحات التالية. يُزوّد عرض للمحتوى المرئي بدايةً؛ يليه نظرة عامة على بيانات رصد الطيران وإفادات الشهود. كل الأوقات المشار إليها هي بالتوقيت المحلي لمدينة دمشق، وبصيغة 24 ساعة. تمّ الحصول على موافقة الأشخاص الذين أجريت المقابلات معهم قبل نشر التقرير (كالعاملين في المجال الطبي، مدراء المرافق، ومتطوعي الدفاع المدني)، وذلك فيما يتعلق بالمشاركة العامة للمعلومات المتعلقة بالهجمات.

منهجية العمل

اتخذ هذا التقرير نهجاً متعدد التخصصات للتحقيق في الهجمات على المرافق الطبية في إدلب خلال شهري يناير وفبراير 2018. وفي التقرير، شمل القائمون على هذا التقرير مجموعة متنوعة من المصادر للتحليل والتحقيق، ولكل منها منهجيات خاصة تتعلق بها. ونورد في الصفحات التالية المنهجيات المحددة التي تم اعتمادها في التحقيق والتحليل :

إفادات الشهود

بعد الهجمات التي استهدفت المستشفيات في محافظة إدلب خلال شهري يناير وفبراير 2018, شكلت منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فريق بحث ميداني مكلف بدخول المدينة وتفحص مواقع الضربات. وقد كلفت هذا الفريق بجمع الأدلة المادية وشهادات الناجين، كالمصابين وأسرهم، فضلاً عن روايات شهود العيان (مثل الطواقم الطبية؛ ومدراء المستشفيات؛ وأعضاء فريق الدفاع المدني).

وأجريت مقابلات شخصية في إدلب من قبل موظفي المنظمات المختصة وتم تسجيل هذه المقابلات بواسطة أجهزة التسجيل الصوتي ومن ثم تم تفريغ محتواها كتابياً في وقت لاحق. أجرى الموظفون ما مجموعه 10 مقابلة باستخدام استبيان موحد. وركزت الأسئلة التي طرحت على من تم إجراء المقابلات معهم على المواضيع التالية:

1- تفاصيل حول الهجوم (مثل التاريخ والوقت والموقع)

2- عدد المرضى الذين يقدم كل مرفق طبي الرعاية لهم على أساس شهري

3- أنواع الأقسام التي تحويها المنشآت الطبية أو نوعية الإجراءات التي يمكن أن تنفذها المرافق الطبية

4- المناطق الجغرافية التي تخدمها المرافق الطبية

5- ما إذا كان هذا المرفق الطبي قد تعرض سابقا للهجوم

6- معلومات عن الضحايا والمصابين نتيجة للهجوم

بيانات مراقبة الرحلات الجوية

لمقاطعة المعلومات مع نتائج تحليل المحتوى البصري تم توفير معلومات عن بيانات مراقبة الرحلات الجوية إلى الأرشيف السوري من قبل منظمة تستخدم شبكة متطورة من المراصد (مراقبي الرحلات الجوية) للطائرات التي تقلع من المطارات العسكرية التي تقع أساسا في شمال غرب ووسط سوريا.

تم تحليل بيانات الرحلات الجوية والمحتوى المرئي لتحديد ما إذا كانت الرحلات الجوية تم رصدها بالقرب من المواقع التي تم الادعاء بتعرضها لقصف جوي.

المحتوى البصري

استخدم الأرشيف السوري الأدلة الرقمية التي لديه وفقاً للنموذج المرجعي للاكتشاف الإلكتروني الذي طورته كلية الحقوق بجامعة ديوك. يتكون سير العمل هذا من خمسة مكونات: أ) تحديد الهوية؛ ب) الجمع والحفظ بشكل آمن. ت) المعالجة والتحقق والتحليل؛ ث) المراجعة؛ و ج) النشر. وقد تم تطبيق إطار أخلاقي يعتمد مبدأ “عدم إلحاق الضرر” على جميع الخطوات في سير عمل الأدلة الرقمية. وقد تم تم تحليل المنهجيات التفصيلية لهذه المكونات في الأقسام الفرعية التالية.

workflow

أ) تحديد الهوية

تتضمن عملية تحديد هوية التي يقوم بها الأرشيف السوري ثلاث خطوات:

1) إنشاء قاعدة بيانات لمصادر موثوقة للمحتوى الرقمي؛

2) إنشاء قاعدة بيانات لمصادر موثوقة للتحقق؛

3) إنشاء مخطط بيانات وصفية موحد. وهذه العمليات الثلاث موضحة بالتفصيل أدناه:

1) إنشاء قاعدة بيانات لمصادر موثوقة للمحتوى الرقمي

قبل إنشاء أي مجموعة أو أرشفة أو التحقق من المواد الرقمية، أنشأ الأرشيف السوري أولا قاعدة بيانات لمصادر موثوقة للمحتوى البصري. وقد عمل مشروع الأرشيف السوري على تحديد أكثر من 300 مصدر موثوق به، وهي قائمة تتألف من صحفيين ومراسلين ميدانيين، ودوائر إعلامية أكبر (مثل وكالات الأنباء المحلية والدولية)، ومنظمات حقوق الإنسان (مثل معهد سوريا للعدالة)، والدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء ),والعيادات والمستشفيات الميدانية المحلية، وغيرها. وبدأت العديد من المصادر التي استخدمها الأرشيف السوري في نشر أو توفير محتوى بصري في أواخر عام 2011 وأوائل عام 2012 ونشرت أيضاً أعمالاً في وسائل إعلام أخرى ذات مصداقية.

تم تحديد المصداقية من خلال تحليل ما إذا كان المصدر مألوفاً للأرشيف السوري أو إلى شبكته المهنية الحالية من الصحفيين السوريين والناشطين الإعلاميين وجماعات حقوق الإنسان والعاملين في المجال الإنساني, وفيما إذا كان محتوى المصدر وتحقيقاته الصحفية موثوق بها في الماضي. ويتم تحديد ذلك من خلال تقييم المدة التي تم كان المصدر يقوم بها بنشر المحتوى البصري فاعليته.

لتحديد مكان تواجد المصدر، يتم تقييم قنوات مواقع الوسائط الاجتماعية لتحديد ما إذا كانت مقاطع الفيديو المحملة متسقة ومعظمها من موقع محدد حيث يتواجد المصدر، أو ما إذا كانت المواقع تختلف اختلافاً كبيراً.

يتم تحليل القنوات لتحديد ما إذا كان حساب الفيديو يستخدم شعاراً (لوغو) وما إذا كان هذا الشعار يستخدم باستمرار عبر مقاطع الفيديو. كما يتم تحليل القنوات للتحقق من أن المحتوى أصلي حيث يتم تحديد ما إذا كان القائم على تحميل المواد البصرية يجمع مقاطع الفيديو من المؤسسات الإخبارية الأخرى وحسابات يوتيوب أخرى أو ما إذا كان يتم غالباً تحميل المحتوى الذي ينشئه المستخدم بنفسه.

2) إنشاء قاعدة بيانات لمصادر موثوقة للتحقق

ثانياً، عمل مشروع الأرشيف السوري على إنشاء قاعدة بيانات لمصادر موثوقة للتحقق. توفر هذه المصادر معلومات إضافية تستخدم للتحقق من المحتوى الذي يتم إنشاؤه على منصات وسائل الإعلام الاجتماعية أو إرساله بشكل مباشر من قبل المصدر. وهذه المواد التي ستخضع للتحقق تم إنشاؤها من قبل المواطنين الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في المجال الإنساني الموجودين في سوريا وخارجها.

للحفاظ على نزاهة البيانات، لم يتم إشراك مصادر المحتويات في قاعدة البيانات المراد التحقق منها.

3) إنشاء مخطط بيانات وصفية موحد

ثالثاً، أقر الأرشيف السوري بالحاجة إلى وجود مخطط معياري للبيانات الوصفية من أجل تنظيم المحتوى، ولكن أيضا أن أي مخطط للبيانات الوصفية سيتم استخدامه سيكون خياراً سياسياً للغاية. وبالنظر إلى أنه لا توجد معايير مقبولة من الناحية القانونية للبيانات الوصفية حتى تاريخ نشر هذا التقرير، فقد تم بذل جهود لوضع إطار محدد للعمل بالتشاور مع مجموعة متنوعة من هيئات التحقيق الدولية. ومن بين هذه المشاورات مشاورات مع أعضاء المحكمة الجنائية الدولية ومع أعضاء مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ومع أعضاء الآلية الدولية المحايدة والمستقلة بشأن الجرائم الدولية المرتكبة في سوريا (IIIM) ، مع معاهد أرشفة مثل معهد NIOD لدراسات الحرب والهولوكوست والإبادة الجماعية، ومع منظمات حقوق الإنسان الدولية مثل منظمة العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، وويتنس، ومعاهد البحوث مثل مركز حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في بيركلي.

من الضروري وضع مخطط موحد للبيانات الوصفية من أجل مساعدة المستخدمين في تحديد وفهم متى وأين وماذا حدث بالنسبة لواقعة معينة . وبالرجوع إلى خبرات مؤسسات أخرى تعمل على أرشفة الحرب مثل معهد NIOD ،فقد وجد أن المعلومات الإضافية تساعد على تحديد تفاصيل المحتوى المرئي الخام (مثل موقع تسجيل الفيديو، وتاريخ تسجيل الفيديو وتحميله، وأصل الفيديو). تتضمن البيانات الوصفية التي يجمعها مشروع الأرشيف السوري توصيف للمادة البصرية (مثل عنوان المادة على يوتيوب)؛ مصدر المحتوى البصري؛ الرابط الأصلي الذي نشرت فيه اللقطات لأول مرة؛ والمعالم المعينة التي يمكن التعرف عليها؛ (التي قد تكون مفيدة لتحديد الموقع الجغرافي أو تحديد الوقت)؛ لغات معينة أو اللهجات المحلية المحكية؛ والملابس أو الأزياء الرسمية الذي يمكن التعرف عليها ؛ الأسلحة أو الذخائر المستخدمة؛ الجهاز المستخدم لتسجيل اللقطات؛ ونوع المحتوى. يتم ملء البيانات الوصفية تلقائياً وبصورة يدوية اعتماداً على كيفية جمعها على سبيل المثال هل تم الجمع من مصدر مفتوح أم مصدر مغلق. الشرح المفصل للبيانات الوصفية بالإضافة إلى قائمة كاملة لأنواع الحقول الخاصة بهذه البيانات متوفرة على موقع الأرشيف السوري على الانترنت.

وعند تصنيف الانتهاكات، قرر الأرشيف السوري استخدام فئات الانتهاكات التي يستخدمها مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (OHCHR). وقد تم ذلك لأن المفوضية هي إحدى المجموعات التي تتمتع بمكانة فريدة تمكنها من التحقيق في حوادث انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب. وتتألف هذه التصنيفات من فئات كثيرة متداخلة غالباً.

الفئات التي حددتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان من أجل التحقيق في سوريا والتي يتم استخدامها من قبل الأرشيف السوري تتضمن ما يلي :

انتهاكات : أسلوب التعامل مع المدنيين والمقاتلين العاجزين عن القتال

  • المجازر وغيرها من أعمال القتل غير المشروع

  • الاعتقال التعسفي والاحتجاز غير المشروع

  • أخذ الرهائن

  • الاختفاء القسري

  • تعذيب المحتجزين وإساءة معاملتهم

  • العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس

  • انتهاكات حقوق الطفل

انتهاكات : القيام بأعمال عدائية

  • الهجمات غير المشروعة

  • الانتهاكات ضد الأشخاص والأعيان المحميين على وجه التحديد

  • استخدام الأسلحة غير المشروعة

  • الحصار وانتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

  • التشريد القسري والتعسفي

في حالة عدم قيام المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بمتابعة التحقيقات المحتمل إجراؤها من قبل هيئات دولية أو من قبل هيئات تحقيق أخرى، فمن المتوقع أن يقوم الأرشيف السوري بتعديل تصنيفات الانتهاكات لتلبية احتياجات تلك التحقيقات.

ب) الجمع والحفظ بشكل آمن

إن الجمع والحفظ الآمن للأدلة الرقمية يضمن عدم فقدان المحتوى الأصلي الإزالة من طرف منصات التشارك. ويتم ذلك من خلال جمع وتخزين المحتوى الرقمي بشكل آمن على مخدمات خارجية (backend servers) قبل أن تخضع لعملية التحقق الأساسية. ومن ثم تدعيمها بشكل آمن على المخدمات في جميع أنحاء العالم. كما يتم توليد ما يُعرف بقيمة التجزئة hash للفيديوهات بالاستناد على خوارزمية (SHA-256)و (MD5) بما يتفق مع أفضل الخبرات الحالية ويتم ختمها بالطابع الزمني لضمان عدم التلاعب بها بعد جمعها من منصات الوسائط لاجتماعية (مصدر مفتوح) أو أخذها مباشرة من المصادر (مصدر مغلق). وفي الوقت نفسه يتم تجزئتها وختمها بالطابع الزمني من قبل طرف ثالث مستقل وغير متحيز لأغراض مرجعية ومن أجل الحفاظ على النزاهة.

وبمجرد التحقق، يتم نشر المحتوى بشكل مركزي على موقع الأرشيف السوري ليصبح متاحاً للعموم بصيغة حرّة ومفتوحة المصدر. يستخدم الأرشيف السوري برنامج ليتلفورك لهذه العملية، وهو برنامج مجاني ومفتوح المصدر تم تطويره لاستخدامه في تحقيقات حقوق الإنسان باستخدام الأبحاث القائمة على المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة المستخدم على الإنترنت.

ت) المعالجة والتحقق والتحليل

بعد جمع المحتوى وتخزينه بشكل آمن، تشير المرحلة التالية من سير العمل على الأدلة الرقمية إلى معالجة المواد الرقمية والتحقق منها وتحليلها. ويرد أدناه وصف تفصيلي لهذه المكونات الثلاثة لسير العمل على الأدلة الرقمية:

1) المعالجة

يتم جمع البيانات الوصفية التابعة للمحتوى البصري من منصات الوسائط الاجتماعية تلقائياً باستخدام مخطط بيانات وصفية موحد ومحدد مسبقاً ، كما هو موضح أعلاه. يتم إنشاء البيانات الوصفية من المحتوى البصري المرسلة إلى دليل الأرشيف السوري يدوياً باستخدام مخطط البيانات الوصفية الموحد.

هذا يجهز المحتوى البصري للخضوع إلى عملية التحقق الأولي. كما يتم تسجيل أكبر قدر ممكن من البيانات الوصفية وسلسلة معلومات الحفظ. ويتم ذلك لمساعدة المستخدمين في تحديد وفهم متى وأين، وما حدث بما يتعلق بواقعة معينة.

2) التحقق

يتضمن التحقق ثلاث عمليات : 1) التحقق من مصدر رفع الفيديو ؛ 2) التحقق من الموقع حيث تم تصوير الفيديو. 3) التحقق من التواريخ التي تم تصوير ورفع الفيديو فيها. وفيما يلي شرح تفصيلي لهذه العمليات الثلاث:

  • التحقق من مصدر رفع الفيديو

يتم التأكد من أن مصدر الفيديو موجود ضمن قائمة الأرشيف السوري للمصادر الموثوقة. وإذا لم يكن المصدر موثوقاً به، يتم تحديد مصداقية المصدر الجديد من خلال العملية التي تم شرحها سابقاً.

في بعض الحالات، قد يتم نشر محتوى بشكل شبه مكرر. على سبيل المثال، إذا كان لدينا مقطع فيديو مدته 30 ثانية وكان هنالك مقطع فيديو آخر مدته 10 دقائق ولكنه يتضمن كل أجزاء الفيديو الأول أو أجزاء معينة منه، فسيتم نشر كلا الفيديوهين ما دام من الممكن التحقق منهما. وبالمثل، يتم أيضا الاحتفاظ بفيديوهات الوكالات الإخبارية أو المؤسسات الإعلامية التي تحتوي على كل أو جزء من محتوى مقاطع فيديو أخرى تم حفظها أيضاً، طالما كان التحقق من المحتوى ممكناً كما يقوم الأرشيف السوري بحفظ النسخ المتكررة، إذا كانت من مصادر مختلفة ومن غير الممكن تحديد المصدر الأصلي الذي قام برفع الفيديو (على سبيل المثال إذا تم رفع مقاطع فيديو متطابقة بنفس اللحظة ).

قد لا يكون مصدر تحميل الفيديو هو نفسه المصدر الذي قام بتصوير المحتوى في الأصل. في معظم الفيديوهات التي تم التحقق منها بواسطة الأرشيف السوري، يتم تحديد القائم على رفع الفيديو فقط بينما يبقى المصدر الذي قام بتصوير الفيديو مجهولاً . وتشمل عملية التحقق المتقدم في مرحلة التحليل تحديد المصدر الذي قام بتصوير الفيديو، وهذه العملية تتم في الحالات التي تعتبر ذات أولوية.

  • التحقق من الموقع حيث تم تصوير الفيديو

كل فيديو يمر عبر عملية تحديد الموقع الجغرافي الأساسية للتحقق من أن هذا الفيديو قد تم تصويره في سوريا. يتم إجراء تحديد معمق للموقع الجغرافي للمواد البصرية ذات الأولوية من أجل التحقق من أنه قد تم تصويرها في موقع معين. ويتم ذلك من خلال عملية مقارنة النقاط المرجعية (مثل المباني والجبال والأشجار والمآذن) وذلك بواسطة صور القمر الصناعي لبرنامج غوغل إيرث و ميكروسوفت بينغ و ديجيتال غلوب وكذلك صور أوبن ستريت ماب والصور الجغرافية المحددة من خرائط غوغل. بالإضافة إلى ذلك، يعود الأرشيف السوري إلى اللغة المحكية ضمن الفيديوهات وبخلاف أنها اللغة العربية حيث أن هنالك لهجات مناطقية محلية ولهجات مختلفة معروفة داخل سوريا وذلك من أجل مزيد من التحقق من الموقع الجغرافي للفيديو. وفي حال إمكانية الوصول لمصدر الفيديو قام الأرشيف السوري بالتواصل مع المصدر مباشرة من أجل تأكيد الموقع، وإحالة المحتوى البصري إلى شبكات قائمة من الصحفيين العاملين داخل سوريا وخارجها من أجل استشارتهم ومقاطعة المعلومات لتأكيد مواقع حوادث محددة.

  • التحقق من التواريخ التي تم تصوير ورفع الفيديو فيها.

ويتحقق الأرشيف السوري من تاريخ التقاط الفيديو عن طريق مقاطعة تاريخ نشر المحتوى البصري الذي تم جمعه من منصات الوسائط الاجتماعية (مثل يوتيوب و تويتر و فيسبوك و تيلغرام) مع تواريخ التقارير المتعلقة بالحادث نفسه. كما مقاطعة المحتوى البصري الذي تم جمعه مباشرة من المصادر مع معلومات التقارير المتعلقة بالحادث نفسه الذي يتضمنه الفيديو.

  • تقارير إخبارية من وسائل الإعلام الدولية والمحلية، بما في ذلك رويترز، وكالة سمارت الإخبارية، مركز حلب الإعلامي، وكالة قاسيون للأنباء، لجان التنسيق المحلية في سوريا.
  • تقارير حقوق الإنسان التي نشرتها منظمات دولية ومحلية، من بينها هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، والشبكة السورية لحقوق الإنسان، ومركز توثيق الانتهاكات في سوريا، والجمعية الطبية السورية الأمريكية ( سامز ) ، ومنظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان.
  • تقارير تمت مشاركتها من قبل شبكة الأرشيف السوري من المواطنين الصحفيين على تويتر، الفيسبوك و التلغرام حول الحادثة.

يتم استخدام أدوات إضافية للتحقق من تاريخ المحتوى البصري مثل بحث الصور العكسي في غوغل و Sun Calc.

3) التحليل

في بعض الحالات، يكون الأرشيف السوري قادراً على إجراء تحقيقات متعمقة مفتوحة المصدر. لكن ليس من الممكن إجراء تحليل معمق لجميع الحوادث بسبب القيود الزمنية والقدرات المحدودة ، ولكن وبكل الأحوال فإنه من المأمول من خلال تطوير طريقة سير عمل قابلة للتكرار أن يتمكن الآخرون من المساعدة في هذه الجهود للتحقيق في حوادث أخرى باستخدام أساليب مماثلة. يوفر الأرشيف لمحة مفصلة حول التحليل المعمق للحوادث عبر موقع الأرشيف على الإنترنت وذلك ضمن قسم التحقيقات.

ث) المراجعة

وبمجرد معالجة المواد الرقمية والتحقق منها وتحليلها، يتم مراجعتها بعد ذلك مراجعتها لتوخي الدقة. في حالة وجود تناقض، يتم إعادة المحتوى مرة أخرى لمزيد من التحقق ضمن طريقة سير عمل الأدلة الرقمية. إذا اعتبر المحتوى دقيقاً فإنه ينتقل إلى مرحلة النشر من سير عمل الأدلة الرقمية.

ج) النشر

بمجرد التحقق من المحتوى البصري ومراجعته، يتم نشره بعد ذلك على قاعدة بيانات الأرشيف السوري وجعله متاحاً للعموم بصيغة حرّة ومفتوحة المصدر. وتضمن التقارير المنتظمة حول المحتوى البصري المتحقق منه أن تكون حلقة التغذية الراجعة بين الأرشيف السوري والمصادر التي قامت بتصوير الفيديو مغلقة. ويسمح ذلك للأرشيف السوري بإضافة قيمة للمحتوى البصري الذي تم حفظه والتحقق منه وتحليله بهدف تدعيم حملات المناصرة مباشرةً ولأغراض المساءلة والعدالة لاحقاً.

الأخطاء، التصحيحات والملاحظات

سعى القائمون على هذا التقرير إلى تحقيق الدقة والشفافية في عملية التقديم والعرض، مع الأخذ بعين الحاجة إلى حماية سلامة أولئك الذين يقدمون الوثائق في بعض الحالات. ومع أخذ هذه المصالح في الاعتبار، لم يتم نشر منهجيات مفصلة لبعض المعلومات التي تعتبر حساسة.

ومع ذلك، وفي حين أن جميع الجهود قد بذلت لتقديم فهمنا الأفضل للحوادث المزعومة، فمن المعروف أن المعلومات المتاحة للعموم عن أحداث محددة يمكن أن تكون محدودة في بعض الأحيان.

إذا كان لدى القراء معلومات جديدة حول أحداث معينة؛ العثور على خطأ في عملنا - أو لديك مخاوف بشأن الطريقة التي تتم فيها تقديم بياناتنا يرجى التواصل معنا عبر البريد الإلكتروني التالي : info@syrianarchive.org

الحوادث

logo

الأرشيف السوري

الأرشيف السوري هو مشروع مستقل تمامًا، لا يقبل الدعم المالي من الحكومات المتورطة بشكلٍ مباشر في النزاع السوري. نسعى للحصول على التبرعات من الأفراد لنتمكّن من الاستمرار بعملنا. يمكنكم دعمنا عبر صفحة باتريون الخاصة بالمشروع.

تبرّع
Mnemonicالأرشيف السودانيالأرشيف اليمنيukrainian archive
اشترك بقائمتنا البريدية