logo
الأرشيف السوري
logo
الأرشيف السوري

التحقيقات

المرافق الصحية تحت النار: مشفى إدلب المركزي

٢٩ حزيران ٢٠٢٠

تحقيق يتناول استهداف مشفى في مدينة إدلب

اطبع المقال

ملخص الحادثة

  • مكان الهجوم: مركز محافظة إدلب
  • موقع التأثير: مشفى محافظة إدلب المركزي المدعوم من قبل سامز، والذي يقدّم خدماته لحوالي 700 ألف شخص من مدينة إدلب، إضافة لسكّان البلدات المحيطة بها.
  • التاريخ: 25 فبراير/شباط 2020
  • التوقيت: حوالي الساعة 13:55 وفقًا للمقابلات التي أجراها فريق تحقيقات الأرشيف السوري مع طاقم المشفى، والتي يعزّزها ما نشر من وسائط مفتوحة المصدر على الإنترنت، وبيانات رصد الطيران.
  • الضحايا أو الجرحى: 8 جرحى من بينهم 4 من أفراد الطاقم الطبي للمشفى.
  • نوع الهجوم: غارة جويّة
  • الذخائر المحدّدة: غير معروف.
  • المسؤول المحتمل: أشارت كلّ من بيانات رصد الطيران، إفادات الشهود والمعلومات مفتوحة المصدر إلى مسؤولية القوات الجوية السورية عن الهجوم.

مقدمة

في حوالي الساعة 13:55 من بعد ظهر يوم 25 فبراير/شباط 2020 استُهدف مشفى محافظة إدلب المركزي في مدينة إدلب بغارة جوية مما أدى لإيقاف العمليات الباردة والعيادات التخصصية فيه. يتلقّى المشفى الدعم من منظمة سامز، وقد أسفر الهجوم عن وقوع ثمانية جرحى، بالإضافة إلى دمار جزئي في مبنى العيادات الخارجية، قسم الأورام السرطانية، جناح الداخلية وجناح إقامة الكادر الطبي. يتناول التحقيق أدناه استهداف مشفى محافظة إدلب المركزي، والأضرار التي لحقت به نتيجة الهجوم.

المنهجية

أجرى الأرشيف السوريّ تحقيقًا حول الحادثة، اعتمادًا على ثلاث خطوات: (1) جمع إفادات شهود عيان أو أشخاص شهدوا اللحظات التالية للغارة الجوية مباشرةً وذلك من قبل فريق تحقيقات محلّي؛ (2) حفظ، تحليل والتحقق من 40 مقطع فيديو وصورة رُفعت على شبكات التواصل الاجتماعي يُدّعى أنها توثّق الحادثة؛ (3) وكان هذا التحقيق خلاصة مراحل متعددة من التحليل للمصادر المتاحة. زوّدت المصادر، المتكاملة فيما بينها، الفريق بمعلومات مرتبطة بتاريخ الهجوم، توقيته، موقعه، الإصابات والأضرار الناجمة عنه. عبر فحص جميع المعلومات المتاحة حول الهجوم، طوّر فريق التحقيقات فهمًا للحادثة وللمسؤولين المحتملين.

للاطلاع على المزيد حول منهجية البحث في الأرشيف السوري، يرجى زيارة موقعنا

حول المشفى

صورة التقطها فريق تحقيقات الأرشيف السوري لمشفى محافظة إدلب المركزي بعد الهجوم

تأسس مشفى إدلب المركزي (مشفى المحافظة) في أبريل 2015 ليصبح أحد أهم المنشآت الطبية في منطقة تعاني من شح الخدمات الطبية. وأشار د. محمد مصطفى السلات المدير الإداري للمشفى في مقابلة أجراها معه فريق التحقيقات إلى أن مشفى إدلب المركزي مشفى جراحي، يحتوي مجمل الاختصاصات الجراحية، ومن أهمها: قسم الجراحة العظمية والعصبية، أقسام الجراحة العامة والتجميلية إضافة لأقسام الجراحة البولية والوعائية. كما يضمّ المشفى قسمًا للإسعاف والأشعة، قسم عمليات وعناية مركزة للبالغين والأطفال، قسم داخلية وأطفال، وقسم جراحة شعاعية وتنظير. ويحتوي على مختبر وصيدلية وأجنحة للمرضى والاستشفاء.

في نوفمبر 2018؛ أعلنت الجمعية الطبية السورية الأمريكية - سامز بالتعاون مع مديرية صحة إدلب افتتاح مركز معالجة الأورام السرطانية في مشفى إدلب المركزي، ليكون بذلك المركز الوحيد في الشمال السوري الذي يقدم خدماته الطبية المجانية للمصابين بأمراض سرطان الثدي والليمفوما.

المستفيدون

يقدّم المشفى خدماته الطبية المجانيّة لحوالي 700 ألف شخص في مدينة إدلب، إضافة للقادمين من القرى والبلدات من شتى محافظة إدلب. أشار إعلامي تابع لمنظمة سامز في مقابلة معه أجراها فريق التحقيقات إلى أن المشفى يخدّم شهريًا ما يقارب 15 ألف مريض، ويقدّم لهم حوالي 40 ألف خدمة طبية.

أجرى فريق تحقيقات الأرشيف السوري مقابلة مع د. أيهم جمعة رئيس قسم الأورام السرطانية في المشفى، والذي ذكر أن حوالي 400 مريض يراجعون القسم شهريًا. وذكر جمعة أن المركز يقدم خدماته كالجرعات الكيماوية والهرمونية لأربعة أنواع من أمراض السرطان (سرطان الثدي وسرطان الكولون وسرطان الغدد اللمفاوية بنوعيه). كما يقدم المركز استشارات لمرضى الدم وجرعات لمرضى مختلف أنواع السرطان لجميع مراجعيه بالمجان.

idlib hospital39

صورة التقطها فريق التحقيقات تظهر مدخل قسم الأورام السرطانية

وفقًا لتقرير نشرته سامز، فقد خفف افتتاح قسم الأورام السرطانية في مشفى إدلب المركزي من معاناة مرضى السرطان الذين يعيشون في أماكن سيطرة المعارضة، والذين كان علاجهم محصورًا بالتوجه نحو المشافي في مناطق سيطرة النظام وتحمّل تكاليف التحاليل والجرعات، أو نحو تركيا والتي قلّصت دخول المرضى إلى أراضيها إلى خمس حالات يوميًا وفقًا لإدارة معبر باب الهوى الحدودي.

في مقابلة معه نشرتها صفحة سامز على فيسبوك في 21 مايو الماضي؛ أشار د. محمد جمعة عيد أحد الأطباء في قسم الأورام أن القسم منذ تأسيسه وحتى تاريخ المقابلة قدم 1400 جرعة كيمياوية و4000 استشارة طبية وبلغ عدد المستفيدين نحو 230 شخصاً. كما قدم المركز تعويضاً مالياً عن التحاليل وصور الطبقي المحوري للمرضى في مراكز خارج القسم لأكثر من 200 مريض ومريضة.

الموقع:

قبل خروجه عن سيطرة الحكومة السورية؛ كان المبنى، الواقع وسط مدينة إدلب، مؤلفًا من ثلاثة أقسام: المحافظة، قيادة الشرطة، إدارة الهجرة والجوازات. في عام 2015، استُخدم جزء من المبنى كمقر لمشفى إدلب المركزي، أو ما يعرف بمشفى المحافظة.

idlib hospital16

صورة نشرها موقع eSyria عام 2012 وتظهر مبنى المحافظة، قيادة الشرطة، إدارة الهجرة والجوازات قبل تحول جزء منه الى مشفى.

idlib hospital12

صورة نشرتها صفحة عين ع الثورة للمبنى عام 2013 قبل تحول جزء منه الى مشفى

حدّد فريق تحقيقات الأرشيف السوري موقع مشفى المحافظة (35.9273423,36.6330128) من خلال صور المبنى قبل الهجوم وبعده، وطابقها مع صور الأقمار الصناعية من Google Earth Pro.

idlib hospital15

تحديد الموقع الجغرافي للمنشأة من خلال صور الأقمار الصناعية من Google Earth Pro، إضافة لصورة نشرها موقع eSyria لمبنى المشفى عام 2012 يمينًا - صورة نشرتها سامز للمشفى بعد الهجوم يسارًا

هجمات سابقة على المشفى:

إن هجوم فبراير 2020 موضع التحقيق ليس الأول من نوعه، فرغم كونه محميًا بوصفه منشأة طبية ووقوعه ضمن آلية التحايد استُهدف مشفى إدلب المركزي عدة مرّات، كان أولها في 4 مارس 2018، حيث نشرت صفحة الجمعية الطبية السورية الأمريكية - سامز على فيسبوك بيانًا وصورًا حول استهداف المنشأة بسيارة مفخخة، أدت لوفاة 4 أشخاص وجرح 14 آخرين بالإضافة لتعرض قسم الأطفال بالمشفى لأضرار مادية كبيرة.

بعد شهرين من العام ذاته، في 13 مايو أبلغت صفحة سامز مجدداً عن انفجار سيّارة مفخخة قُبالة باب المشفى الرئيسي الأمر الذي أودى بحياة 9 مدنيين وإصابة 28 آخرين، إضافة لخروج أقسام الداخلية و الجراحة وقسم الأطفال والعمليات عن الخدمة بشكل مؤقت.

idlib hospital34

صورة نشرتها سامز للأضرار التي أسفر عنها تفجير سيارة مفخخة قرب المشفى في 13 مايو 2018

في 12 يوليو 2019، نشرت صفحة سامز بيانًا حول غارات جويّة قصفت محيط المنشأة مما ألحق أضرارًا مادية في بنيتها، وذلك ضمن عملية عسكرية شنها النظام السوري وحلفاؤه على مناطق مختلفة في الشمال السوري.

ماذا حدث (ومتى)؟

مشفى إدلب المركزي قبل الهجوم وبعده

استُهدف مشفى إدلب المركزي في مدينة إدلب حوالي الساعة 13:55 من ظهيرة يوم 25 فبراير 2020، مما تسبب في إصابة ثمانية أشخاص، بالإضافة إلى دمار بعض أجزاء المشفى. وفقًا لإفادات الشهود، وللصور ومقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فإن الهجوم عبارة عن غارة جويّة نفّذتها طائرة ثابتة الجناح.

في مقابلة أجراها فريق تحقيقات الأرشيف السوري، أكّد المدير الإداري لمشفى إدلب المركزي د. محمد مصطفى سلات استهداف المنشأة في الساعة 13:55 من يوم الثلاثاء 25 فبراير 2020، ما تسبب في وقوع إصابات ضمن الكادر الطبي، وسقوط قتلى من المدنيين في الشارع؛ بالإضافة إلى أضرار مادية في المشفى.

كما أكّد د. أيهم جمعة مدير قسم الأورام السرطانية في مشفى إدلب المركزي في مقابلة مع فريق التحقيقات وقوع الغارة الجوية على المشفى في نفس الوقت والتاريخ المحدّدين، وأشار إلى أن تزامن الغارة الجوية مع نهاية الدوام في المشفى قلّل من حجم الخسائر البشرية من الكادر الطبي والمرضى.

وأكّدت مقابلات أجراها فريق تحقيقات الأرشيف السوري مع معاوية أحد إعلاميي منظمة سامز، ورامي رحال موظف استقبال في المشفى تعرّض مشفى إدلب المركزي من جهة العيادات لغارات من الطيران الحربي في الساعة 13:55 من يوم 25 فبراير 2020، ووقوع خسائر مادية وبشرية.

عزّزت المنشورات الأولى على وسائل التواصل الاجتماعي موقع وتوقيت الهجوم؛ ففي الساعة 14:27 من بعد ظهر يوم 25 فبراير، نشر مرصد المحافظة والحدود على فيسبوك بلاغًا حول استهداف مشفى إدلب المركزي بشكل مباشر. بعدها بدقائق، في الساعة 14:33، نشر مراسل قناة الجزيرة ميلاد فضل منشورًا حول غارات روسية استهدفت دوار مشفى المحافظة. في الساعة 14:25، نُشر أول أول مقطع فيديو حول الهجوم من قبل المركز الإعلامي العام، ويظهر فيه مراسل المركز بالقرب من المشفى بعد لحظات من الاستهداف، حيث يمكن ملاحظة دخان في الأجواء، كما يمكن رؤية قدوم سيارات الإسعاف إلى الموقع وما يبدو أنه جثة طفل ملقى على الأرض.

idlib hospital33

لقطة من مقطع فيديو نشره المركز الإعلامي العام للحظات التالية للهجوم، حيث يمكن رؤية بناء المشفى خلف المراسل

تلت المنشورات التي صوّرت الدمار عقب الهجوم مباشرة مقاطعَ فيديو وصور نُشرت بعد ساعات من الهجوم؛ وثّقت جهود انتشال وإنقاذ المصابين والقتلى. ففي الساعة 16:31، نشرت صفحة عين الشمال أوائل الصور المرتبطة بالهجوم، والتي أظهرت حفرة ناجمة عن الغارة الجوية بالقرب من المشفى، والدمار خارج مبنى المشفى. قرابة الساعة الخامسة من يوم 25 فبراير، نشرت الجمعية الطبية السورية الأمريكية -سامز صورًا على فيسبوك تُظهر الدمار اللاحق بالمشفى وعمليات إنقاذ المصابين، إضافةً إلى بيان أكّدت فيه تعرض مشفى إدلب المركزي لغارة جويّة عند بوابة العيادات التخصصية أثناء تواجد الكوادر الطبية في المشفى مما تسبب بإصابة 4 من بينهم. وأعلنت سامز توقيف العمليات الباردة وعمل العيادات التخصصية “بسبب الأوضاع الأمنية في المدينة، واستهداف المشفى بشكل مباشر والأضرار الكبيرة فيه”.

idlib hospital06

صورة نشرتها صفحة سامز على فيسبوك تظهر مشفى إدلب المركزي بعد الهجوم

إضافة إلى ذلك، نشرت صفحة الدفاع المدني السوري على فيسبوك مقطع فيديو يظهر إسعاف عناصر الدفاع المدني للجرحى وانتشال القتلى جراء الهجوم. بعد ساعات من الهجوم نشرت قناة الجزيرة تقريرًا مصورًا حول استهداف مشفى المحافظة، تحدّث فيه المراسل ميلاد فضل من أمام بناء المشفى عن غارات جوية روسية استهدفته بالإضافة لقصف مدارس وروضة أطفال. وذكر المراسل أن الاستهداف جاء وسط معارك تشهدها المنطقة التي تقع شرق مدينة إدلب، بلدة النيرب والمناطق المحيطة مع تقدّم لقوات المعارضة.

في نفس اليوم، نشرت قناة أورينت نيوز على يوتيوب مقطع فيديو يظهر الدمار في محيط المشفى، وذكر المراسل إلى أن الاستهداف كان بصواريخ محمّلة بقذائف عنقودية ألقتها طائرات سوخوي 24، وأشار إلى تواجد 4 طائرات حربية في سماء المنطقة لحظة تصوير الفيديو.

لقطات من مقطع فيديو نشره الدفاع المدني السوري على فيسبوك يظهر جهود الإنقاذ عقب الغارة الجوية

idlib hospital31

لقطة من مقطع فيديو نشرته أورينت نيوز حول الهجوم

كما عزّزت تقارير نشرها كل من شبكة شام الإخبارية وراديو الكل تعرّض مشفى محافظة إدلب المركزي للقصف من قبل الطيران الحربي.

لمزيد من التأكّد من توقيت وقوع الحادثة، استخدم الأرشيف السوري أداة SunCalc لتحليل ظلال الشمس الظاهرة في [مقطع الفيديو]((https://www.facebook.com/SYRMMC/videos/2274661876171931/) المُلتقط من قبل المركز الإعلامي العام عقب وقوع الغارة الجوية مباشرة والمنشور على فيسبوك في الساعة 14:25.

يتطابق اتجاه الظلال الظاهرة في مقطع فيديو المركز الإعلامي العام مع اتجاه الشمس في الساعة 14:00 من يوم 25 فبراير 2020 في مدينة إدلب، المحسوب باستخدام أداة SunCalc، مما يعزّز تاريخ الحادثة وتوقيت وقوعها

تحليل الدمار

حدّد الأرشيف السوري الدمار اللاحق بمشفى محافظة إدلب المركزي وحلّله باستخدام الوسائط مفتوحة المصدر إضافة للمقابلات، مقاطع الفيديو والصور المُلتقطة من قبل فريق التحقيقات على الأرض. إن الوسائط الملتقطة من قبل الفريق، إلى جانب المواد مفتوحة المصدر المنشورة عبر الإنترنت، تؤكّد وتعزز الإفادات التي ذكرت استهداف المنشأة مباشرةً وتعرّض أقسام مختلفة فيها للدمار.

الأضرار الخارجية

صورة متحرّكة من مقطع فيديو نشرته قناة الجزيرة على فيسبوك للمشفى بعد الهجوم

تظهر مقاطع الفيديو والصور المنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والملتقطة من قبل فريق التحقيقات دمارًا لحق بالمشفى نتيجة للهجوم. ورغم أن مبنى المشفى ما يزال قائمًا؛ إلا أن الهجوم تسبّب في تعطيل أقسام مهمّة فيه وإيقاف استقبال المرضى.

idlib hospital01

صورة نشرتها صفحة عين الشمال وتظهر الدمار في الجهة الشرقية من المشفى

بشكل يعزّز المقابلات التي أجراها فريق التحقيقات، تظهر مقاطع الفيديو والصور دمارًا خارج بناء المشفى والذي تمثّل في خلع النوافذ، اقتلاع جزء من سور المشفى الحديدي، وتضرر السقف القرميدي عند مدخل المشفى الشرقي. كما تُظهر الصور حفرة تسبّب بها الصاروخ، على بعد حوالي 35 إلى 40 مترًا من بوابة العيادة وفقًا للمقابلات.

الأضرار الداخلية

رغم أن بناء المشفى ما يزال قائمًا؛ إلا أن الهجوم ألحق أضرارًا داخلية أخرجت بعض أقسامه عن الخدمة. حيث حصل دمار جزئي في مبنى العيادات الخارجية، قسم الأورام السرطانية، أجنحة العيادات الداخلية وإقامة الكادر الطبي.

`

صور التقطها فريق تحقيقات الأرشيف السوري للأضرار التي لحقت بأقسام مختلفة في المشفى

أكّد الطبيب أيهم جمعة مدير قسم الأورام السرطانية في مقابلة معه أجراها فريق تحقيقات الأرشيف السوري تعرّض المشفى لأضرار تمثّلت بخلع أبواب وشبابيك، فتحة في الحائط، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة بعيادة الأورام السرطانية.

صور ممر الطابق الثاني الخاص باستراحة الطاقم الطبي قبل الهجوم وبعده

ذكر إعلامي سامز خلال المقابلة أن قسم الأورام في المشفى، جناح إقامة الكادر الطبي وجناح إقامة المرضى كانت الأكثر تضررًا نتيجة للقصف. إضافة إلى خلع الأبواب والنوافذ، تهدم جدران من الجهة الشرقية، حيث كانت الغارة على مسافة 35 إلى 40 متر من بوابة العيادات.

صور لإحدى غرف العيادات الداخلية بعد الهجوم، وبعد محاولات الترميم

إن الاستهداف المتكرر للمشفى الوحيد الذي يعالج الأمراض السرطانية في الشمال السوري بالإضافة إلى تقديم خدمات طبية أخرى سوف يزيد من معاناة مئات آلاف المدنيين في إدلب والمناطق المحيطة بها.

القتلى والجرحى

قابل فريق تحقيقات الأرشيف السوري بعضًا من أفراد الطاقم الطبي ومن مشرفي منظمة سامز، وراجع الوسائط مفتوحة المصدر للتوثّق من عدد وهويات المصابين نتيجة للهجوم. أكّد الفريق وقوع 8 إصابات نتيجة للاستهداف، من بينهم 4 من طاقم المشفى، وفقًا لسامز ولقناة المرصد المدني على تيليغرام، وهم: الطبيب فهد محي الدين مختص جراحة عصبية، فني التخدير محمد الشيخ، الممرضة فاطمة المعلم، والممرض محمد جمعة.

زوّدت منظمة سامز فريق التحقيقات بقائمة تتضمن 41 اسمًا لمصابين تواجدوا في مشفى إدلب المركزي يوم 25 فبراير 2020 مع تحديد نوع الإصابة. من بينهم 8 أشخاص أصيبوا نتيجة الغارة الجوية على مشفى المحافظة، فيما تعود بقية الأسماء لأشخاص أُصيبوا نتيجة هجمات مختلفة استهدفت إدلب في اليوم نفسه.

أسماء المصابين المتواجدين في مشفى إدلب المركزي يوم الحادثة

واحد من بينهم

مع تزايد انتهاكات حقوق الإنسان وطول أمد الحرب، كثيرًا ما تغيب معاناة الإنسان الحقيقة وتتحول إلى أرقام مجرّدة على وسائل الإعلام. تتبّع فريق تحقيقات الأرشيف السوري قصّة أحد ضحايا الهجوم على مشفى المحافظة، وهي ابنة الممرض عبد المنعم عكة من كادر المشفى الطبي، الذي نزح من ناحية سرمين في محافظة إدلب رفقة عائلته أواخر شهر كانون الثاني ٢٠٢٠ ، بسبب الهجوم الكثيف على الناحية نحو مكان أكثر أمناً في مدينة إدلب حيث بدأ العمل كممرض في مشفى إدلب المركزي.

في الوقت الذي كان المشفى يستقبل الإصابات والحالات الإسعافية نتيجة الغارات على المدينة قبيل استهدافه في الخامس والعشرين من شباط فوجئ عبد المنعم بوجود طفلته “ندى -خمس سنوات” بين الإصابات. لم يستطع العكة تمالك نفسه وأغمي عليه على الفور. تظهر مقاطع الفيديو لحظة سقوطه على الأرض، كذلك صراخ الطفلة التي أصيبت بشظايا في الرأس وأنحاء الجسم وهي تبكي صارخة “يا عيني - عيني”، وبعد أن استعاد توازنه حمل طفلته لتطبيق الماء الدافئ على وجهها لغسل آثار الدماء، حيث بدا تائهاً في أرجاء المشفى الذي يعمل به، ليخبره أحد المتواجدين بالمكان الذي يتوجه له. خلال إسعافها تظهر الطفلة باكية وهي تصرخ على والدها الذي يمسك بيديها قبل أن يدفن وجهه في جسدها الصغير، ويحملها خارج المشفى.

idlib hospital46

صورة نشرتها صفحة سامز على فيسبوك تظهر الممرض عبد المنعم حاملًا ابنته أثناء إسعافها

ذكر الممرض عبد المنعم عكّة في تقرير نشرته سامز على موقعها باللغة الإنجليزية: ” نتيجة التصعيد، وبعد أن تهجّرنا من سرمين لجأتُ وعائلتي إلى مدينة إدلب. حيث بدأتُ بالعمل في مشفى إدلب المركزي خلال ال ٢٥ يوماً السابقة دون توقف لإسعاف الأعداد المتزايدة من الجرحى المدنيين. فوجئتُ اليوم برؤية ابنتي ذات الخمس سنوات واحدة من هؤلاء الجرحى. لقد كنتُ محطّمًا”.

تحليل بيانات الطيران

بغرض إضافة طبقة أخرى من التحقق؛ قارن الأرشيف السوريّ النتائج المستخلصة من الوسائط مفتوحة المصدر أعلاه مع الصور/مقاطع الفيديو المُلتقطة من قبل فريق التحقيقات وبيانات رصد الطيران من قبل منظمة مراقبة. استلزمت هذه العملية رصد بيانات الطيران قبل الهجوم، أثناءه وبعده مباشرة (13:00 - 14:30) في محيط إدلب، حماة وحمص في25 فبراير 2020 وتحليلها بدقة.

في حوالي الساعة 13:22، 13:35 رصد المراقبون طائرات Su-24 تغادر قاعدة T4 غرب حمص، باتجاه الشمال الغربي نحو إدلب. في الساعة 13:32، شوهدت طائرة Su-24 تحلّق بشكل دائري فوق سرمين (على بعد 9 كم عن مدينة إدلب). في الساعة 13:33 و13:41 على التوالي شوهدت طائرات Su-24 تحلّق شمال شرق أريحا (على بعد 13 كم عن موقع الهجوم) باتجاه مدينة إدلب. في الساعة 13:48 رُصدت طائرة MiG-23 تغادر مطار حماة العسكري شمالًا باتجاه إدلب. وأخيرًا، قبل الهجوم بوقت قصير، في الساعة 13:40 و 13:55 رُصدت طائرات Su-24 و MiG-23 تطير بشكل دائري فوق مدينة إدلب. وكانت تحقيقات سابقة قد خلُصت إلى أن تحليق الطيران الحربيّ الدائري فوق موقعٍ ما عادةً ما يُشير إلى محاولة الاستحواذ على الهدف و/أو التحضير لهجوم وشيك. علاوة على ذلك، فإنّ التحليق الدائري لطائرة MiG-23 فوق إدلب يعزّز التوقيت المقدّر للهجوم حوالي الساعة 13:55، وفقًا لما ذُكر في المقابلات التي أجراها فريق التحقيقات وما ورد في تقارير الأخبار المحليّة.

لقطات تظهر تأكيد المرصد المدني ومرصد محافظة إدلب ضلوع MiG-23 في الهجوم على مشفى المحافظة

إضافة إلى ذلك، كانت قناة مرصد محافظة إدلب على تيليغرام قد حذّرت من انطلاق طائرة MiG-23 من مطار حماة العسكري نحو الشمال في الساعة 13:48 من ظهيرة يوم الاستهداف، مع الإشارة إلى أن إمكانية وصولها إلى مدينة إدلب خلال 6 دقائق. وأكدت قناة المرصد المدني على تلغرام استهداف مشفى محافظة إدلب المركزي من قبل طائرة MiG-23 في تمام الساعة 13:54.

رغم أن هذه البيانات تتطابق مع الادعاءات الواردة في الوسائط والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تشير إلى أن منفذ الهجوم هو طائرة MiG-23؛ إلا أنه لا يوجد دليل مباشر على ضلوع إحدى الطائرات المرصودة في الهجوم على مشفى إدلب المركزي. ومع ذلك؛ إن التحليق الدائري للطيران فوق مدينة إدلب يعزز الهجمات الجوية على مشفى المحافظة المركزي. وبالنظر إلى أن طائرة MiG-23 المرصودة فوق إدلب بتوقيت وقوع الهجوم مُستخدمة من قبل القوات السورية بشكل متكرر ، فمن المرجح أن المسؤول عن هذه الهجمات هو الحكومة السورية.

خاتمة

في حوالي الساعة 13:55 من ظهيرة يوم 25 فبراير 2020؛ استهدف مشفى المحافظة في إدلب المدعوم من قبل سامز . تسبب الهجوم في وقوع ثمانية جرحى وألحق أضرارًا في العديد من أقسام المشفى الذي كان يقدم الخدمات الصحية لسكان المنطقة، من بينها جناح الأورام السرطانية والعيادات الخارجية. تم التحقّق من توقيت الهجوم والدمار اللاحق في المشفى من خلال الوسائط مفتوحة المصدر المنشورة عبر الإنترنت، الوسائط والمقابلات التي التقطها وأجراها فريق التحقيقات في موقع الحادثة، بالإضافة إلى بيانات رصد الطيران. رغم أنّ إفادات الشهود، الوسائط مفتوحة المصدر وبيانات رصد الطيران تشير إلى أن الغارات الجوية نُفّذت من قبل القوات الجوية السورية؛ إلا أنه ونظرًا لمحدودية المعلومات والبيانات مفتوحة المصدر فقد تعذّر على الأرشيف السوريّ التثبّت من مرتكبي الهجوم.

logo

الأرشيف السوري

الأرشيف السوري هو مشروع مستقل تمامًا، لا يقبل الدعم المالي من الحكومات المتورطة بشكلٍ مباشر في النزاع السوري. نسعى للحصول على التبرعات من الأفراد لنتمكّن من الاستمرار بعملنا. يمكنكم دعمنا عبر صفحة باتريون الخاصة بالمشروع.

تبرّع
Mnemonicالأرشيف السودانيالأرشيف اليمنيukrainian archive
اشترك بقائمتنا البريدية