logo
الأرشيف السوري
logo
الأرشيف السوري

التحقيقات

غارات جويّة على راديو فرِش واتّحاد المكاتب الثورية

٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٠

تحقيق يتناول إصابة المحطة وكتلة مبانٍ في كفرنبل بصاروخين مما أخرج المكاتب عن الخدمة

اطبع المقال

ملخّص الحادثة

  • مكان الهجوم: إدلب: كفرنبل
  • موقع التأثير: اتّحاد المكاتب الثورية وراديو فرِش
  • التاريخ: 7 ديسمبر 2019
  • التوقيت: ما بين الساعة 08:40 حتّى 08:45 صباحًا
  • القتلى والجرحى: لم يُبلغ عن قتلى أو جرحى
  • نوع الحادثة: غارة جويّة
  • الذخائر المستخدمة: غير متوفّر
  • المسؤول المحتمل: يُحتمل أن تكون الحكومة السورية مسؤولة عن الضربة

مقدّمة

يقع كل من اتحاد المكاتب الثورية وراديو فريش في بناء واحد، ويتركّز عملهما حول توفير المعلومات اللازمة وإيصالها لسكّان إدلب، إضافة إلى دعم المتضررين في المنطقة. رغم ذلك؛ استُهدفت المنظمّتان مرتين خلال العام الماضي ما بين شهري سبتمبر وديسمبر 2019 بقنابل عنقودية وبراميل متفجرة. يتناول هذا التحقيق الضربة الأخيرة في 7 ديسمبر 2019 ، والتي دمرت مقر راديو فريش واتحاد المكاتب الثورية في كفرنبل.

المنهجيّة

أجرى الأرشيف السوريّ تحقيقًا حول الحادثة، اعتمادًا على خطوتين:

  1. جمع إفادات 6 شهود عيان أو أشخاص شهدوا اللحظات التالية للغارات الجوية مباشرةً وذلك من قبل فريق تحقيقات محلّي؛
  2. حفظ، تحليل والتحقق من 61 مقطع فيديو وصورة رُفعت على شبكات التواصل الاجتماعي يُدّعى أنها توثّق الحادثة؛
  3. تحليل صور الأقمار الصناعية التي تُظهر موقع التأثير عقب الحادثة، إضافة لبيانات رصد الطيران التي تتناول الطائرات المُحلّقة فوق البلدة في التوقيت المزعوم للضربة.

وكان هذا التحقيق خلاصة مراحل متعددة من التحليل للمصادر المتاحة. زوّدت المصادر، المتكاملة فيما بينها، الفريق بمعلومات مرتبطة بتاريخ الهجوم، توقيته، موقعه، الإصابات والأضرار الناجمة عنه.

عبر فحص جميع المعلومات المتاحة حول الهجوم، طوّر فريق التحقيقات فهمًا للحادثة وللمسؤولين المحتملين.

للاطلاع على المزيد حول منهجية البحث في الأرشيف السوري، يرجى زيارة موقعنا

حول اتّحاد المكاتب الثورية وراديو فرِش

image4 صورة لاتحاد المكاتب الثورية قبل الحادثة مُلتقطة من قبل فريق التحقيقات .

ذكر أسامة الأحمد، عضو مجلس إدارة اتحاد المكاتب الثورية، في مقابلة مع فريق تحقيقات الأرشيف السوريّ أن اتحاد المكاتب الثورية تأسس نهاية عام 2012 في كفرنبل، ليأخذ دوره في إدارة الحياة المدنية في كفرنبل كمنظمة مجتمع مدني تعمل في الداخل السوري بهدف بناء الفرد وتغيير طريقة تفكيره، وذلك من خلال عدّة مكاتب، من بينها الإعلامي متمثّلًا براديو فرش ومجلة منطرة، مكتب مؤسسة الطفل الذي يهتم بدعم الطفل تعليمياً ونفسياً من خلال مناهج معتمدة من قبل المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة، ويخدم نحو 1000 طفل سنوياً، إضافة إلى مؤسسة مزايا التي تختص بدعم المرأة وتمكينها من خلال دورات تدريبية مهنية. كما يضم الاتحاد مكتب “دفا” والذي يهتم باليافعين ويضم خمسة مراكز في المنطقة. مركز التدريب (الإعلامي والمهني والتعليمي)، مكتب التخطيط والدراسات، مكتب الموارد البشرية والمكتب اللوجستي. يعمل في اتحاد المكاتب الثورية والمنظمات التابعة له 670 موظفًا.

image29 صورة من قبل فريق التحقيقات تظهر ملعب كرة القدم المجاور لراديو فرش واتحاد المكاتب الثورية قبل الحادثة.

انطلقت إذاعة راديو فريش في 15 أكتوبر 2013 بعد تأسيسها من قبل رائد الفارس ومجموعة من الناشطين، من بينهم حمود جنيد وخالد العيسى. كان الهدف الأول للإذاعة تحذير السكان من الضربات الجوية، لكن عملها تطور فيما بعد للإضاءة على مشكلات السكان وتوثيق الانتهاكات من كافة الفصائل. يقول عبد الله كليدو، مدير إذاعة راديو فرش، “كانت الإذاعة صوت الناس”.

image8 image1 صور ملتقطة من غوغل إيرث برو تظهر بلدة كفرنبل والقرى المجاورة، كما تظهر فيها كتلة أبنية اتحاد المكاتب الثورية.

تضم الإذاعة برامج إخبارية وتعليمية، إضافة لبرامج حوارية ناقدة وساخرة، كما شكلت عبر دوراتها التدريبية رافداً مهماً للعمل الإعلامي في المنطقة وتزويد الصحفيين الشباب بالخبرة اللازمة على الصعيدين النظري والعملي. يصل بث إذاعة راديو فرش عبر تردداتها إلى معظم أرجاء محافظة إدلب وريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي. أُجبر اتحاد المكاتب الثورية وراديو فرش على التوقف عن العمل عدة مرّات نتيجة هجمات سابقة استهدفت مقرّاتهم وطاقمهم.

هجمات سابقة على راديو فرِش

image25 صورة لكفرنبل التقطها فريق التحقيقات.

هوجمت إذاعة راديو فرش عدة مرّات منذ انطلاقتها، وذلك من قبل ميليشيات محلية والحكومة السورية. ذكر فارس علي، مدير البرامج في راديو فرش، في مقابلة معه أجراها فريق التحقيقات أن الإذاعة تعرضت لأزمات كبيرة ضيّقت أو أوقفت عمل الكادر في المحطة بشكل كامل. كان أولها في أواخر عام 2013، حيث أوقف بثّ بعض البرامج، مثل برنامج “حوار سوري”، بعد تهديد مباشر من قبل أحد الفصائل العسكرية المسيطرة على المنطقة، إضافة إلى منع الموسيقا والأغاني ضمن برامج الراديو تحت طائلة الإغلاق.

صورة منشور فيسبوك من قبل صفحة راديو فرش عام 2013، وفيه توضيح لتوقف بثّ الإذاعة مؤقّتًا بسبب سرقة معدّاتها من قبل داعش

في مقابلة معه أجراها فريق تحقيقات الأرشيف السوري؛ تحدّث محمود السويد، أحد الكوادر الإعلامية في الإذاعة، عن اختطاف عاملين في المحطة إضافة لسرقة معدّات في 28 ديسمبر 2013 من قبل داعش، وتوقف الراديو عن العمل لفترة زمنية ليست بالقصيرة. بعد انسحاب داعش وعودة عمل الإذاعة مجددًا؛ دوهم مقرّ الراديو مرة أخرى في 10 يناير 2016 من قبل جبهة النصرة، حيث صادروا معدّاتها وأغلقوا الراديو.

في مايو 2016؛ دوهم مقرّ الإذاعة مجدّدًا من قبل جند الأقصى، وفقًا لطاقم الراديو، حيث تم الاستيلاء على المعدات وإيقاف البث لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يعاود نشاطه في 13 يونيو 2016 بموافقة من جند الأقصى بحجة “البلاغ الكاذب”.

إضافة إلى الهجوم على مقرّ الإذاعة، اعتُقل رائد الفارس، مؤسس راديو فرش، مرتين في 30 ديسمبر 2014 وفي 10 يناير 2016، من قبل الفصائل المسيطرة على كفرنبل في ذلك الوقت. كما تعرض لمحاولة اغتيال قبل أن يُقتل، هو وحمود جنيد، على أيدي مجهولين في مدينة كفرنبل في 23 نوفمبر 2018.

image3 لقطة من مقطع فيديو نشرته إذاعة راديو فرش، ويظهر لحظة الهجوم على المحطة واتحاد المكاتب الثورية في 23 مايو 2019.

أخبر عبد الله كليدو، مدير راديو فرش، فريق التحقيقات أنه ومنذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة على ريف إدلب الجنوبي اتخذت الإذاعة خطة طوارئ للعمل داخلها، ونقلت بعض معداتها وموظفيها إلى أماكن أكثر أمناً، مع الحفاظ على بعض الأشخاص الذين رغبوا باستمرار العمل من داخل مقر الراديو في كفرنبل. كما يُزعم أن قوات النظام استهدفت المحطة في 23 مايو 2019،بعد فترة وجيزة من انتقال موظفي الراديو، بصواريخ بعيدة المدى أدت إلى أضرار مادية في مقر الراديو الرئيسي؛ قبل أن يُستهدف مباشرة في 7 ديسمبر 2019 ويخرج عن الخدمة بشكل كامل.

ماذا حدث (ومتى)؟

image28 صورة التقطها فريق التحقيقات لمبنى راديو فرِش عقب الحادثة.

ما بين الساعة 08:40 - 08:45 من صباح السبت 7 ديسمبر 2018، استهدفت طائرة مروحية اتحاد المكاتب الثورية ببرميلين متفجّرين، وفقًا لمصادر عبر الإنترنت. أسفر الهجوم عن أضرار بالغة في مبنى الاتحاد، مع دمار مكاتب ومعدات منظمات المجتمع المدني ضمن البناء، مما أخرجه عن الخدمة.

image72 لقطة من مقطع فيديو نشره الناشط هادي العبد الله، وتظهر أحد البراميل المتفجّرة أثناء سقوطه على كتلة مباني اتّحاد المكاتب الثورية وراديو فرِش

بدأت أولى البلاغات عن الضربة بالانتشار حوالي الساعة 08:45، من قبل حلب اليوم و راديو فرِش حيث أشارا إلى إسقاط مروحيات النظام برميلين متفجّرين على الإذاعة واتحاد المكاتب الثورية. بعد الحادثة بوقت قصير، نشر كل من غسان الحموي و جميل الحسن مقاطع فيديو يُزعم أنها تصوّر لحظة قصف اتحاد المكاتب الثورية.

image11 تحديد الموقع الجغرافي لمقطع الفيديو الذي يظهر القصف على اتحاد المكاتب الثورية وراديو فرِش. اللقطة مأخوذة من مقطع فيديو نشره الناشط هادي العبد الله، وصورة الأقمار الصناعية من غوغل إيرث برو.

image20 إن الظلال الظاهرة في مقطع الفيديو المنشور بواسطة هادي العبد الله تتطابق مع موقع الشمس في الساعة 08:45 من صباح يوم 7 ديسمبر في كفرنبل؛ كما تم تحديده باستخدام أداة SunCalc. وهو ما يعزّز توقيت الحادثة المُبلغ عنه من قبل الصحفيين، والمذكور في المقابلات التي أجراها فريق التحقيقات مع الشهود.

إلى جانب الصور التي أظهرت الدمار اللاحق بالاتحاد؛ نشر راديو فرِش مقطع فيديو يظهر الحفرة الناجمة عن الصاروخ الذي قصف مجمع الأبنية. زار فريق تحقيقات الأرشيف السوري موقع الحادثة؛ وأكّد على أن الحفرة تبعد 35 مترًا عن الإذاعة، وأن قطرها يبلغ حوالي المتر ونصف المتر، فيما يبلغ عمقها 60 سنتيمترًا. كما صوّر مقطع الفيديو الدمار اللاحق بالمدرسة التي تبعد حوالي 35 مترًا عن السور الخارجي للإذاعة.

image15 صور أقمار صناعية من غوغل إيرث تظهر موقع الإذاعة إلى جانب الحفرة (بالأحمر) الناجمة عن أحد البراميل المتفجرة التي أصابت اتحاد المكاتب الثورية.

أظهرت الصور التي نشرها كل من مركز كفرنبل الإعلامي، الناشط هادي العبد الله، حلب اليوم، و راديو فرِش الدمار الواسع الذي لحق بالاتحاد، كما أكّدت توقيت وقوع الضربة.

image5 لقطة من مقطع فيديو نشرته صفحة مركز كفرنبل الإعلامي، والذي يظهر الدمار اللاحق بمجمع أبنية اتحاد المكاتب الثورية.

إضافة إلى ما ورد في المصادر المفتوحة؛ أكّد عبد الله كليدو، مدير راديو فرِش، في مقابلة معه أجراها فريق التحقيقات أن كتلة المباني التابعة لاتحاد المكاتب الثورية تعرضت لاستهداف مباشر ببراميل متفجرة، ادّعى أنها أُلقيت من قبل مروحيات تابعة للنظام. وحدد كليدو مكاني الاستهداف ووقتهما، بسقوط البرميل الأول على مبنى راديو فرش بشكل مباشر في تمام الساعة 08:42 صباحاً، بينما سقط البرميل الثاني على مبنى تابع للراديو ومجاور له يضم مركز التدريب بشكل مباشر أيضاً في تمام الساعة 08:43 صباحاً.

image12 صورة التقطها فريق التحقيقات لكتلة مباني راديو فرِش واتحاد المكاتب الثورية عقب الحادثة.

كما تمّ تأكيد توقيت ومواقع الضربات من قبل أسامة الأحمد، عضو مجلس إدارة اتحاد المكاتب الثورية، في مقابلة معه أجراها فريق التحقيقات، وتحدث عن استهداف مباشر ببراميل متفجرة ألقتها طائرة مروحية على مبنى اتحاد المكاتب ومركز التدريب والتأهيل.

image19 لقطة من مقطع فيديو التقطه فريق التحقيقات للدمار المحيط باتحاد المكاتب الثورية. تظهر في خلفية هذه اللقطة المدرسة المجاورة للاتحاد.

إضافة إلى ذلك؛ في 7 ديسمبر 2019 نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان خبرًا أكّدت فيه أن طيراناً مروحياً تابعاً للنظام السوري ألقى عدة براميل متفجرة على محيط مبنى راديو فرش في كفرنبل.

صور أقمار صناعية لمبنى اتحاد المكاتب الثورية قبل الحادثة وبعدها، تظهر من خلالها الدمار اللاحق به

زار فريق تحقيقات الأرشيف السوري موقع الحادثة للتأكد من حجم الدمار الذي لحق بالإذاعة والاتحاد داخليًا وخارجيًا.

الأضرار التي لحقت براديو فرِش واتحاد المكاتب الثورية

إعادة بناء ثلاثي الأبعاد لمجمع مباني اتحاد المكاتب الثورية بعد الضربة الجوية. لإنشاء هذا النموذج؛ جمع الأرشيف السوري مجموعة متنوعة من لقطات صوّرتها طائرات بدون طيار لموقع الهجوم ونُشرت على الإنترنت. ثم نُظّمت هذه اللقطات حسب الإطار والموقع. أُدخلت اللقطات بعد تنظيمها في برنامج تصوير مساحي لإعادة إنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد لموقع الحادثة. يسمح إعادة إنشاء موقع الحادثة لفريق التحقيقات بتقييم أفضل للأضرار اللاحقة بـاتحاد المكاتب الثورية والمباني المحيطة.

من خلال الصور ومقاطع الفيديو؛ وثّق فريق تحقيقات الأرشيف السوري الأضرار الداخلية والخارجية في المنشأة بعد استهدافها، كما قارن الفريق المواد التي نشرتها المصادر المفتوحة بالصور ومقاطع الفيديو التي التقطها. إضافة إلى ذلك؛ أجرى الفريق مقابلات مع مسؤولين في الراديو واتحاد المكاتب الثورية، واستعان بمقاطع فيديو قديمة للمنشأة لتوضيح حجم الأضرار.

image9 صورة التقطها فريق التحقيقات لمكتب راديو فرِش في اتحاد المكاتب الثورية.

أجرى فريق التحقيقات مقابلة مع فارس علي الشيخ، نائب مدير البرامج في راديو فرش، حيث ذكر إنهم وبعد الاستهداف الأول في 23 مايو 2019؛ نقلوا جزءً من المعدات الأساسية إلى أماكن أكثر أمناً، إلا أن الاستهداف الأخير دمّر المبنى بشكل كامل وأخرجه عن الخدمة. قبيل الهجوم؛ قام الدفاع المدني والمراصد الموجودة في المنطقة بإخطار كادر الراديو بوقوع “الراديو” ضمن بنك الأهداف المحتملة، ليخرجوا من المكان الذي كان فارغاً من الأشخاص خلال استهدافه. ويقول الشيخ إن قسماً كبيراً من أثاث الإذاعة تعرض للتلف، إضافة للأجهزة المحمولة والأرضية والكاميرات ومعدات ورشة التدريب والمولدة الرئيسية، وكافة الأثاث المكتبي. وهو ما يظهر في مقاطع الفيديو والصور المُلتقطة من قبل فريق التحقيقات في موقع التأثير.

صور التقطها فريق التحقيقات على الأرض للأضرار الخارجية اللاحقة بكتلة مباني اتحاد المكاتب الثورية.

رغم أن برج الراديو الموجود أعلى مبنى اتحاد المكاتب الثورية لا يزال قائماً؛ إلا أنه محاط بالأنقاض والمباني المنهارة. تظهر مقاطع الفيديو الشارع الرئيسي مغطىً بالأنقاض وركام أسقف الأبنية المحيطة المنهارة. يكشف سقوط الأسقف الإسمنتية والأعمدة الخرسانية وتكشف الأسياخ الحديدية بداخلها مدى الضرر الذي لحق باتحاد المكاتب الثورية وراديو فرش.

صور التقطها فريق التحقيقات على الأرض للأضرار داخل أبنية اتحاد المكاتب الثورية.

إضافة إلى ذلك؛ توثّق الصور دمار المبنى داخليًا وخروجه عن الخدمة، حيث تُظهر جدران مكاتب راديو فرِش منهارة والأرضية مغطّاة بالأنقاض. وتظهر باقي مكاتب اتحاد المكاتب الثورية بحالٍ مماثل؛ حيث دُمّرت الغرف بشكل يتعذّر إصلاحه، على حدّ وصف المسؤولين والصحفيين المحلين، مع انهيار الأسقف ودمار الجدران وتحطّم المعدات. أسفرت الضربة عن دمار جميع مكاتب اتحاد المكاتب الثورية تقريبًا أو ألحقت بها أضرارًا بالغة، بما في ذلك مكاتب محرري الأخبار، مكتب المحاسبة، غرفة المولدات وملعب كرة قدم مجاور. أدى هذا الهجوم إلى تدمير البنية التحتية لراديو فرش وعدد من منظمات المجتمع المدني الأخرى التي تعتمد على اتحاد المكاتب الثورية مما أخرج عددًا كبيرًا من هذه المنظمات عن الخدمة مؤقتًا.

تحليل بيانات الطيران

بغرض إضافة طبقة أخرى من التحقق؛ قارن الأرشيف السوريّ النتائج المستخلصة من الوسائط مفتوحة المصدر أعلاه مع الصور ومقاطع الفيديو المُلتقطة من قبل فريق التحقيقات وبيانات رصد الطيران من قبل منظمة مراقبة، والتي توثّق رصد طائرات حربية من قبل شركاء مراقبين في جميع أنحاء سوريا. يجمع هؤلاء المراقبون بيانات حول الطائرات، مثل نوع الطائرة واتجاه تحليقها. على الرغم من احتمال وقوع أخطاء في تحديد هويّة الطائرات في بيانات الرحلات الجوية؛ إلا أن معلومات إضافية كإفادات الشهود ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تعزّز طراز الطائرة المحدّدة ومسارها. استلزمت هذه العملية رصد بيانات الطيران قبل الضربة، أثناءها وبعدها مباشرة، نحو الساعة 08:45، بمحيط كفرنبل وتحليلها بدقة.

أظهرت بيانات رصد الطيران مروحيات Mi-8 (Hip) عسكرية، والتي يتكرّر استخدامها من قبل الحكومة السورية، تًقلع شمالًا من مطار حماة العسكري (56 كم جنوب كفرنبل) في الساعة 08:25 و 08:33 صباحًا. في الساعة 08:39؛ رُصدت مروحية MI-8 تحلّق فوق كفرنبل. بعدها بوقت قصير؛ في الساعة 08:42 و 08:43، شوهدت مروحية Mi-8 تحوم بشكل دائريّ فوق كفرنبل. كما شوهدت مروحيات MI-8 تحوم فوق كفرنبل في الساعة 08:52، 08:56، و09:01. وبالنظر إلى أن تحقيقات سابقة كانت قد خلُصت إلى أن تحليق الطيران الحربيّ الدائري فوق موقعٍ ما يُشير عادةً إلى محاولة الاستحواذ على الهدف و/أو التحضير لهجوم وشيك؛ فإن تحليق مروحيات MI-8 فوق كفرنبل يعزّز الوقت المقدر للحادثة نحو الساعة 08:40 إلى 08:45، كما يشير إلى أن الحكومة السورية قد تكون المسؤولة عن الحادثة .

رغم أن بيانات رصد الطيران تتطابق مع ادّعاء الصحفيين، الشهود ومنشوات وسائل التواصل الاجتماعي حول تنفيذ الضربة من قبل مروحية تابعة للحكومة السورية، إلا أنه لا يتوافر دليل مباشر يشير إلى ضلوع إحدى المروحيات المرصودة مباشرة في الهجوم على كفرنبل. على الرغم من ذلك، فإن تواجد مروحيات Mi-8 فوق كفرنبل والبلدات المجاورة لها في حدود التوقيت المُبلغ عنه للضربة يزيد من احتمالية وقوع غارة جوية على اتحاد المكاتب الثورية وراديو فرش خلال الأوقات المحدّدة والمعزّزة بإفادات الشهود والمصادر المفتوحة. وبالنظر إلى أن غالبية الطائرات المرصودة فوق كفرنبل في توقيت الضربة مستخدمة بشكل أساسي من قبل القوات الجوية السورية؛ فمن المحتمل أيضًا أن الحكومة السورية مسؤولة عن الغارات الجوية في 7 ديسمبر 2019.

راديو فرِش عقب الحادثة

image24 لقطة من مقطع فيديو التقطه فريق التحقيقات في مقر راديو فرش الجديد.

ما تزال إذاعة راديو فرش تعمل من أماكن أخرى لن تُحدّد تفاديًا لاستهدافها، وفقًا لمقابلات مع كادرها. ويؤكد جمال علي الشيخ إن بعض كوادر الراديو بقيت تعمل من مدينة كفرنبل حتى سيطرة قوات النظام على المدينة في 25 فبراير 2020. يخبرنا أن ذلك كان قرارهم إذ أن “الإذاعة خرجت من هذا المكان، ويجب أن تبقى فيه أياً كانت الظروف”.

خاتمة

من خلال المعلومات المذكورة أعلاه؛ استطاع الأرشيف السوري التأكيد على أن هجومًا جويًا استهدف كتلة مباني راديو فرِش واتحاد المكاتب الثورية نحو الساعة 08:40-08:45 من صباح 7 ديسمبر 2019. دمّرت الضربة اتحاد المكاتب الثورية وأخرجت عددًا من منظمات المجتمع المدني التي يستضيفها الاتحاد، ومن بينها راديو فرِش، عن الخدمة. بالنظر إلى محدودية التحقيقات فإن الأرشيف السوري غير قادر على تحديد الجهة المسؤولة عن هذه الضربة بشكل قاطع؛ رغم أن بيانات رصد الطيران وإفادات الشهود تشير إلى الحكومة السورية كمسؤول محتمل عن هذه الحادثة.

logo

الأرشيف السوري

الأرشيف السوري هو مشروع مستقل تمامًا، لا يقبل الدعم المالي من الحكومات المتورطة بشكلٍ مباشر في النزاع السوري. نسعى للحصول على التبرعات من الأفراد لنتمكّن من الاستمرار بعملنا. يمكنكم دعمنا عبر صفحة باتريون الخاصة بالمشروع.

تبرّع
Mnemonicالأرشيف السودانيالأرشيف اليمنيukrainian archive
اشترك بقائمتنا البريدية