logo
الأرشيف السوري
logo
الأرشيف السوري

مجموعات البيانات

قاعدة بيانات هجوم الغوطة الكيميائي - النتائج

٢١ آب ٢٠٢٣

اطبع المقال

في 21 آب 2013، آمن السوريون في الغوطة بإمكانية التوثيق عبر وسائل التواصل الاجتماعي لجعل العالم يشهد على الفظائع والحث على الاستجابة العاجلة لها.

قبل عشر سنوات وفي الصباح الباكر، ضربت صواريخ عدة أحياء في الغوطة الشرقية والغربية التي تسيطر عليها المعارضة. وحمل بعضها غاز السارين، ”أحد أكثر مواد الحرب الكيميائية المعروفة سمّية”. في الثواني والدقائق التي تلت القصف، بدأت أعراض الإصابة الشديدة تظهر على الضحايا الذين تعرضوا للغاز. يقدر المسؤولون الأمريكيون مقتل أكثر من 1400 شخص، من بينهم مئات الأطفال، وإصابة آلاف آخرين في هذا الهجوم بينما لا يزال الناجون يعانون من عواقب طويلة الأمد.

اللقطات الأولى في قاعدة بيانات الأرشيف السوري التي تم نشرها على موقع يوتيوب في 21 أغسطس 2013 الساعة 03:50 صباحًا بتوقيت دمشق تظهر أشخاصًا يبدو أنهم ضحايا تسمم بمادة سامة. ما تبع ذلك كان عددًا لم يسبق له مثيل من مقاطع فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي من مئات المصادر المختلفة.

تُظهر النتائج التي توصلنا إليها لهذا الهجوم تناقضًا بين التوافر الفوري لعدد هائل من الوثائق من ناحية ورد الفعل غير المتكافئ من ناحية أخرى. ومع ذلك، فإن توثيق هجوم الغوطة بغاز السارين على وسائل التواصل الاجتماعي هو مصدر إثباتٍ مميز ومحوري بثلاثة مناحٍ رئيسية.

توثيق عبر الإنترنت ومفتوح المصدر لهذا الهجوم لا مثيل له.

إن اتساع وعمق توثيق وسائل التواصل الاجتماعي لهجوم الغوطة بغاز السارين عام 2013 لا مثيل له على حد علمنا. إنه الهجوم الأكثر والأفضل توثيقًا في الأرشيف السوري.

وفقًا لقاعدة بياناتنا، يعدّ هذا الهجوم، بـ 564 مادة مرتبطة،  الأكثر توثيقًا على وسائل التواصل الاجتماعي، منذ بدء الصراع السوري في عام 2011. وقد تم توثيق هذا الهجوم بنحو ثلاثة أضعاف عدد المواد مفتوحة المصدر التي تم التحقق منها مقارنة بثاني أكثر حادثة توثيقًا في استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وهي الهجوم بغاز السارين في 4 نيسان / أبريل 2017 على خان شيخون، بحوالي 200 مادة.

بالإضافة إلى عدد اللقطات، تم توثيق هذا الهجوم من خلال مجموعة متنوعة متميزة من المصادر كانت موجودة قبل عشر سنوات في الغوطة: صحفيون وموثقون محترفون آخرون بالإضافة إلى أشخاص عاديين وأطقم طبية وشبكات ناشطين محليين. تتضمن مجموعة البيانات الخاصة بنا مواد مفتوحة المصدر تم تحميلها بواسطة 145 حساب مستخدم مختلف.

التقط هؤلاء الموثّقون ككلَ مجموعة من المعلومات الأساسية التي من شأنها أن تظهر في أي خطة جمع مثالية لمحقق:

  • 327 مادة توثق مؤشرًا واحدًا على الأقل للمواد الكيميائية السامة، بما في ذلك الحيوانات النافقة دون إصابات جسدية واضحة وغازات أو غبار متغير اللون.
  • 56 مادة توثق قوات عسكرية أو أمنية أو مسلحة.
  • 38 مادة توثق مواقع سقوط الصواريخ.
  • 35 مادة توثق ما يبدو أنه بقايا أسلحة كيميائية، يبدو أن 6 منها على الأقل تظهر علامات عن شركة مصنعة ما.
  • 7 مواد توثق مركبات مسلحة وأنظمة أسلحة مستخدمة من نوع ما؛
  • 7 مواد توثق إطلاق ذخائر يُزعم أنها مرتبطة بالهجوم؛ و
  • 4 مواد توثق لحظة الهجوم.

header1

عينة من المعلومات الأساسية الموثقة في مجموعة البيانات بما في ذلك مخلفات الذخيرة (33.520702, 36.357548 and 33.525338, 36.362195)، مقابر (33.528877, 36.359371)، حيوانات ميتة قرب مواقع سقوط الصواريخ (33.524219, 36.359541) تم تحديد موقعها الجغرافي في مناطق مختلفة في الغوطة الشرقية.

تغطي الوثائق مفتوحة المصدر أيضًا المواقع الرئيسية بما في ذلك مواقع سقوط الصواريخ ومواقع عسكرية ذات صلة محتملة ومرافق طبية حيث تم علاج الضحايا وأماكن تجميع الجثث ومواقع الدفن.

هذه الوثائق قاسية بشكل استثنائي، مما يؤكد الآثار البشرية الاستثنائية لاستخدام الأسلحة الكيميائية.

يعكس اتساع وعمق الوثائق المتاحة حجم الخسائر والمعاناة العميقة التي نتجت عن هذا الهجوم وكلاهما يمكن رؤيته في المواد مفتوحة المصدر التي تم جمعها.

إنّ الحظر القانوني لاستخدام المواد الكيميائية السامة كأسلحة حرب، بالإضافة إلى حظر تطويرها وإنتاجها وتخزينها، يبدو كجزء لا يتجزأ من الاعتراف  بطبيعتها المتأصلة في إحداث معاناة إنسانية شديدة الحديّة والعشوائية. تنعكس هذه الطبيعة بوضوح في مجموعة البيانات: مقاطع الفيديو التي تم جمعها صادمة للغاية وتتضمن توثيقًا دقيقًا للتدمير الذي تلحقه المواد الكيميائية السامة بجسم الإنسان.

توفر كل مادة تقريبًا في مجموعة البيانات هذه، عددها 460، معلومات حول ضحايا الهجوم. بالنسبة لنحو نصف المواد التي تم تحليلها، وهي 291 حالة، قام باحثو الأرشيف السوري بوضع علامة على تلك المواد على أنها “صادمة” نتيجة تصويرها لأعراض الأسلحة الكيميائية على الأطفال.

من الأهداف الرئيسية لهذا المشروع كان تسجيل جميع المعلومات التي تشير إلى استخدام أسلحة كيميائية وفقًا لأبحاثنا ومشاوراتنا مع الخبراء بشأن المواد الكيميائية السامة واستخدامها كأسلحة. إنّ غالبية مؤشرات التعرض لمواد كيميائية في قاعدة البيانات عبارة عن أعراض طبية، أو سلوكيات متوقعة من أشخاص يعانون نتيجة أعراض طبية محددة. تم توثيق تأثير المواد الكيميائية التي يمكن ملاحظتها مئات المرات عبر مواد مجموعة البيانات.

عدد المرات التي تمت ملاحظتها في مجموعة البياناتالأعراض
176تغيّر لون الجلد
138علاج بالأكسجين
135التشنجات
100زبد من الفم
92غسل الجلد والجسم والملابس بالماء
87مشاكل تنفسية
41حدقة دبوسية
19هلوسة
3حكّة أو حرق في الجسم

من بين المواد مفتوحة المصدر التي تم تحليلها لمجموعة بيانات هجوم الغوطة بغاز السارين، ظهرت المرافق الطبية 214 مرة، وأماكن تجميع الجثث 160 مرة، والمقابر 28 مرة. تعتبر المواقع المرتبطة بتقديم الإسعافات أو تجميع الجثث والدفن مركزية في اللقطات المجموعة، أكثر من أي مواقع أخرى باستثناء مواقع التأثير. وتوثق 224 مادة تقديم إسعافات أولية ورعاية طبية للضحايا.

يظهر التوثيق أيضًا جانباً من الضرر النفسي الشديد لهذا النوع من الأسلحة. تُظهر مقاطع الفيديو مئات الحالات من الأشخاص في حالة نفسية مضطربة، يعبرون فيها عن الحزن والإجهاد وعدم التصديق بعد الهجوم. كما قال رجل من مدينة زملكا: “ما رأيته كان لا يُصدق، خرجتُ فوجدت الناس يتساقطون في الشوارع وعندما عدت إلى منزلي رأيت أطفالي يختنقون.” ووصف شاهد آخر: “كان الناس يحاولون مساعدة بعضهم البعض، ولكنهم يستمرون في السقوط… لم أكن أتوقع أن أنجو.” وقال آخر: “لم أكن أتوقع أنني سأشهد مثل هذه الفاجعة.”

ستدوم هذه الوثائق كأدلة متاحة للعموم في انتظار المساءلة.

إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا له صدى هادف. هذا الغرض واضح بشكل استثنائي في توثيق هجوم غاز السارين على الغوطة.

تم بث احتجاجات 2011 في سوريا عبر منصات التواصل الاجتماعي. وعندما اشتدت نسبة القمع، أدار المستخدمون أيضًا عدساتهم لتصوير قوات الأمن وتوثيق استخدام الغاز المسيل للدموع والضرب وإطلاق الرصاص. عندما تصاعد النزاع، أظهرت اللقطات مستويات فظيعة ومتزايدة من العنف، وكانت بمثابة ادّعاءات مرئية عن أعمال خطيرة وربما غير قانونية بموجب القانون الدولي. أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة حاسمة في مناشدات الشهود للعالم للرد على الفظائع التي يتم تصويرها. وما كان يحدث على الأرض من صراع مسلح، كان يظهر بسرعة على الإنترنت بشكل متزامن تقريبًا.

مع تزايد العنف واستمرار تراكم مزاعم الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي دون تدخل حقيقي، أصبح الوصول إلى سوريا أقل فأقل أمام المحققين الدوليين، مما ألزم المحققين ”بالبحث في مكان آخر عن المعلومات ذات الصلة لبناء القضايا”. لجأت المنظمات الدولية إلى الموثّقين في الخطوط الأمامية الذين صوروا، وعملوا بجد لتلبية أعلى معايير التحقيق، آخذين بعين الاعتبار إمكانية استخدام موادهم من قبل السلطات الدولية.

هكذا عملت هذه الديناميكية: بعد انتشار غاز الأعصاب السام في أحياء الغوطة في حوالي الساعة 02:00 صباحًا بالتوقيت المحلي، بدأ الناس هناك في تصوير ومشاركة اللقطات عبر الإنترنت على الفور تقريبًا. تم نشر ما لا يقل عن 102 مادة توثق هجوم السارين على الغوطة، على وسائل التواصل الاجتماعي خلال الساعات الست الأولى. تم تحميل ما لا يقل عن 250 مادة على وسائل التواصل الاجتماعي في الـ 24 ساعة الأولى التي أعقبت الهجوم، بما في ذلك مناشدات للمساعدة من الأطقم الطبية التي كانت تعالج الضحايا.

جهود التوثيق هذه ليست مهمّة من حيث الكمية الإجمالية وجودة المحتوى المنتج فحسب، ولكن أيضًا للعدد الكبير من التحديثات الفورية عبر الإنترنت من قبل العشرات من مستخدمي الوسائط الاجتماعية المختلفين خلال الـ 24 ساعة الأولى.

رسم بياني يوضح عدد المواد التي توثق هذا الهجوم والتي تم تحميلها كل يوم ، من 21 إلى 31 آب/ أغسطس 2013.

ومع ذلك، يبدو أن ديناميكية التوثيق عبر الإنترنت قد بدأت بالتراجع في السنوات التالية. كان الهجوم الكيميائي على الغوطة مبكرًا نسبيًا في الصراع. تزعم الأنباء التي انتشرت على الإنترنت في السنوات الأخيرة تدمير المقابر وغيرها من الأدلة المادية منذ أن استعادت القوات الحكومية السيطرة على مناطق الغوطة المستهدفة في هجوم آب 2013. في وقت سابق من هذا الشهر، علِمَ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن سوريا لا تمتثل بالتزاماتها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية، مما أثار تساؤلات فيما إذا كانت ما تزال تحتفظ بمخزون غير قانوني. كما لاحظ زميلنا محمد العبد الله من المركز السوري للعدالة والمساءلة (SJAC) في عام 2014، “فقد الكثير من الناس أملهم في جهود التوثيق بعد ما اعتقدوا أن الهجمات الكيماوية لم تُقابل بمساءلة حقيقية، لم يعد الناس يؤمنون حقًا بالتوثيق”.

ومع ذلك، يواصل السوريون توثيق الصراع على الإنترنت كل يوم. منذ الهجوم على الغوطة، شَهد العالم أكثر من 3652 يومًا من الصراع في سوريا عبر وثائق منشورة على الإنترنت. لا يزال الهجوم بغاز السارين في 21 أغسطس 2013 هو أكثر الحوادث توثيقًا على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تزال جهود المساءلة جارية.

علاوة على ذلك، لا يزال التوثيق الإلكتروني لهذا الهجوم مستمراً من أجل الدعوة وإحياء الذكرى؛ تُظهر مجموعة البيانات هذه أنه تمت مشاركة لقطات جديدة في الذكرى السنوية للهجوم كل عام منذ ذلك الحين. التحقيقات الجنائية في الهجوم مفتوحة في ألمانيا وفرنسا والسويد، مدفوعة بشكاوى مقدمة بدعم من الأرشيف السوري وشركائنا في المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، ومبادرة Open Society Justice، ومنظمة Civil Rights Defenders.

نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي عدد كبير من الوثائق المرتبطة بهجوم غاز السارين الذي ضرب الغوطة في 21 أغسطس 2013 من العديد من المصادر المختلفة؛ لدرجة أننا، بعد عشر سنوات،  ما زلنا نعثر على معلومات جديدة ونطوّر تحليلاتنا. إن استجابة المساءلة ”الحقيقية” لهذه الفظائع لا تزال قيد الإعداد لأكثر من عقد من الزمان، ولكن الأدلة على ما حدث ستكون دائمًا متاحةً للجمهور، وموثقةً بدقّة وآمنةً في قاعدة بياناتنا.

logo

الأرشيف السوري

الأرشيف السوري هو مشروع مستقل تمامًا، لا يقبل الدعم المالي من الحكومات المتورطة بشكلٍ مباشر في النزاع السوري. نسعى للحصول على التبرعات من الأفراد لنتمكّن من الاستمرار بعملنا. يمكنكم دعمنا عبر صفحة باتريون الخاصة بالمشروع.

تبرّع
Mnemonicالأرشيف السودانيالأرشيف اليمنيukrainian archive
اشترك بقائمتنا البريدية