مقدمة:

في الثامن من ديسمبر 2024، عقب سقوط حكومة الأسد، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن انهيار اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974 بين قواته والقوات السورية آنذاك، وأنه أمر قواته بالاستيلاء على المنطقة العازلة. ونقلت قناة رويترز في تقرير لها انتشار القوات الإسرائيلية في المنطقة العازلة الفاصلة بين سوريا وهضبة الجولان المحتلة، وإرسال قوات تابعة لها خارج المنطقة العازلة. كما نقل تقرير لموقع الجزيرة أن القوات الإسرائيلية سيطرت على قمة جبل الشيخ وعدد من القرى المحيطة بها داخل المنطقة منزوعة السلاح بعمق يصل إلى 18 كيلومتراً داخل الأراضي السورية.

كما وافقت الحكومة الإسرائيلية في 15 ديسمبر 2024 بالإجماع على خطة لتعزيز الاستيطان الإسرائيلي في الجولان المحتل بقيمة تزيد عن 11.13 مليون دولار.

خريطة مناطق فك الاشتباك في الجولان التقطها الأرشيف السوري بتاريخ 27 فبراير 2025، المصدر: مجلس العلاقات الخارجية

وتوصلت كل من سوريا وإسرائيل إلى اتفاق فض الاشتباك عام 1974، بعد توغّل الأخيرة داخل الأراضي السورية إثر حرب 1973، حيث انسحبت إسرائيل بموجبه من المناطق التي احتلتها، إضافة لمناطق محدودة احتلتها من سوريا في عام 1967 تشمل مدينة القنيطرة، وتم الاتفاق على إنشاء منطقة عازلة تتولى فيها سوريا الإدارة المدنية داخل منطقة الفصل مع بقاء الجيش السوري خارجها. كما تتضمن منطقة تمتد بالتساوي على جانبي الحدود يكون فيها حجم الوجود العسكري محدوداً للطرفين وفق تفاهمات معينة. وتمتد منطقة الفصل على طول 75 كيلو متر من الشمال إلى الجنوب وبعرض يتراوح بين 200 متر و 10 كيلو مترات تتمركز داخلها قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك "أندوف" تتولى مسؤولية المراقبة، وتتألف من نحو 1200 فرد من 13 دولة وفق قرار مجلس الأمن رقم 350.

يوضح تقرير صادر عن مركز حرمون للدراسات المعاصرة أن الهدف الاستراتيجي للحملة العسكرية الإسرائيلية التي وصفها بـ "الواسعة النطاق"، هو "ضمان حدود إسرائيل الشمالية، ومنع المجموعات المعادية من استغلال الفراغ الناتج عن انهيار النظام. كما تحدث التقرير نفسه عن استيلاء القوات الإسرائيلية على مساحة 303 كيلو متر مربع من الأراضي السورية خلال الأسبوع الأول من سقوط حكومة الأسد، ورغم انسحابها من حوض اليرموك لاحقاً إلا أنها توسعت في المحاور الشمالية لتصل مساحة سيطرتها إلى 346 كيلو متراً.

لقطة شاشة لخريطة توغل القوات الإسرائيلية في الأراضي السورية حتى تاريخ 24 ديسمبر 2024، التقطها الأرشيف السوري في 16 فبراير 2025 -المصدر: تقرير لمركز حرمون للدراسات المعاصرة.

لقطة شاشة لخريطة توغل القوات الإسرائيلية في الأراضي السورية حتى تاريخ 9 يناير 2025، التقطها الأرشيف السوري في فبراير 2025 -المصدر: تقرير لمركز حرمون للدراسات المعاصرة

في تقرير لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها الولايات المتحدة ومقال نشره موقع كان نيوز، ذُكرت أسماء وحدات عسكرية إسرائيلية شاركت في التوغل الإسرائيلي البري في سوريا، من بينها قوات المظليين التابعة للواء 35 من الكتيبة 101، قوات من الفرقة 210، والفرقة 74 من اللواء المدرع 188، واللواء الإقليمي 474 في الجولان، ووحدات القوات الخاصة إيجوز.

في 31 يناير 2025 نقل موقع عنب بلدي في تقرير له مواقع النقاط التي تمركزت فيها القوات الإسرائيلية داخل المنطقة العازلة بـ قاعدتين في منطقة حضر (قاعدة شمال شرق تلول الحمر وأخرى شمال غرب قرص النفل)، وقاعدة بين قريتي الحميدية والحرية، وقاعدة عند سد المنطرة، وقاعدة في جباتا الخشب بريف القنيطرة الشمالي، إضافة لقاعدة منشأة خارج المنطقة العازلة هي في منطقة كودنا جنوبي القنيطرة.

بيانات الأرشيف السوري:

أحصى الأرشيف السوري 81 توغلاً برياً ينسب للقوات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية. تظهر البيانات أن قسماً من عمليات التوغل كان يتم لساعات، بينما استمرت توغلات أخرى لأيام، إضافة لمناطق تمركزت فيها القوات الإسرائيلية حتى 31 يناير 2025، وما تزال متمركزة في قسم منها حتى تاريخ النشر. وشملت هذه التوغلات محافظات القنيطرة، درعا، ريف دمشق.

التاريخ	المحافظة	عدد حالات التوغل المبلغ عنها يومياً	المناطق المتأثرة
12 أكتوبر 2024	القنيطرة	1	كودنة
14 أكتوبر 2024	القنيطرة	2	كودنة -خان أرنبة
15 أكتوبر 2024	القنيطرة	2	الحميدية -الأصبح والرفيد
21 نوفمبر 2024	القنيطرة	1	الرفيد
8 ديسمبر 2024	القنيطرة	9	كودنة -أوفانيا -القنيطرة -الصمدانية -القحطانية -مدينة البعث -خان أرنبة
8 ديسمبر 2024	ريف دمشق	1	جبل الشيخ
9 ديسمبر 2024	القنيطرة	3	عين العليقة -عين التينة -حضر
10 ديسمبر 2024	القنيطرة	2	الحميدية -البعث
11 ديسمبر 2024	القنيطرة	1	حضر
12 ديسمبر 2024	القنيطرة	4	أم باطنة -جباتا الخشب -الحرية -الحميدية
12 ديسمبر 2024	درعا	1	معرية
13 ديسمبر 2024	القنيطرة	5	العجرف -كودنة -الصمدانية -خان أرنبة -أم باطنة
13 ديسمبر 2024	ريف دمشق	2	بيت جن -مناطق في جبل الشيخ
15 ديسمبر 2024	درعا	1	كويا
15 ديسمبر 2024	القنيطرة	1	المعلقة
17 ديسمبر 2024	درعا	1	صيدا
18 ديسمبر 2024	درعا	4	صيدا -نافعة -كويا -سد الوحدة
19ديسمبر 2024	درعا	1	معرية
20 ديسمبر 2024	القنيطرة	2	جباتا الخشب - الرفيد
21 ديسمبر 2024	القنيطرة	2	حضر -الحرية -الرفيد -الحميدية -جباتا الخشب -رسم الرواضي -البعث -صيدا الحانوت -رسم الهور -مجدليا
22 ديسمبر 2024	القنيطرة	2	البعث -الحميدية
23 ديسمبر 2024	ريف دمشق	1	شارة الحرمون
24 ديسمبر 2024	القنيطرة	2	سد المنطرة -جباتا الخشب
30 ديسمبر 2024	القنيطرة	1	البعث
2 يناير 2025	القنيطرة	1	سد المنطرة -القحطانية -الصمدانية الغربية
5 يناير 2025	القنيطرة	1	كودنة -تل أحمر
8 يناير 2025	القنيطرة	6	الحميدية -الرفيد -البعث -العشة -أبو غارة -الحيران -تلال الحمر
9 يناير 2025	القنيطرة	1	جباتا الخشب - مبنى المحافظة
10 يناير 2025	القنيطرة	1	مبنى المحافظة
11 يناير 2025	القنيطرة	1	المعلقة
13 يناير 2025	القنيطرة	2	تل أحمر -البعث -الحميدية
15 يناير 2025	درعا	5	عين ذكر -المسريتية -صيصون -القيد -جملة -وادي الرقاد
15 يناير 2025	القنيطرة	3	القنيطرة -صيدا -أم اللوقس -المعلقة
17 يناير 2025	القنيطرة	4	جباتا الخشب -طرنجة -كودنة -رخلة -خان أرنبة -سد المنطرة
20 يناير 2025	القنيطرة	1	البعث
22 يناير 2025	القنيطرة	1	صيدا الحانوت -الرفيد
29 يناير 2025	درعا	1	عابدين
31 يناير 2025	القنيطرة	1	القنيطرة

تشير البيانات أن التوغل البري الإسرائيلي بدأ في أكتوبر 2024 (قبل سقوط حكومة الأسد) وطال 5 قرى في محافظة القنيطرة، ثم مرة واحدة على قرية الرفيد في نوفمبر، ليغيب بعدها حتى الثامن من ديسمبر مع سقوط حكومة الأسد، إذ توسعت الهجمات الإسرائيلية على مناطق واسعة في سوريا، رافق ذلك توغلات في كل من محافظات القنيطرة ( 57 حادثة منها 34 في ديسمبر 2024 و 23 في يناير 2025)، ودرعا (14 حادثة منها 8 في ديسمبر 2024 و 6 في يناير 2025)، إضافة لريف دمشق ( 4 حوادث في ديسمبر 2024).

انفوجراف بعدد التوغلات البرية الإسرائيلية بين 1 أكتوبر 2024 إلى 31 يناير 2025 -المصدر بيانات الأرشيف السوري

انتهاكات ضد المدنيين منسوبة إلى القوات الإسرائيلية:

أسفرت هذه الهجمات عن مقتل مدنيّين: أحدهما قتل في خان أرنبة 8 ديسمبر 2024 والثاني في جباتا الخشب 12 ديسمبر 2024. كما أسفرت الهجمات عن إصابة 11 مدنياً: طفل في معرية بريف درعا بتاريخ 10 ديسمبر 2024، شخص في قرية معرية بريف درعا في 20 ديسمبر 2024، إضافة لسبعة مدنيين في قريتي الدواية والسويسة التابعتين لمدينة القنيطرة في 25 ديسمبر 2024، و اثنين في القنيطرة بتاريخ 31 يناير 2025.

علاوة على ذلك، داهمت القوات الإسرائيلية، بحسب البيانات التي وثّقها الأرشيف السوري، المنازل والقطع العسكرية التابعة لقوات حكومة الأسد، وصادرت ودمّرت أسلحة بداخلها، و جرّفت الأشجار وبنت سواتر ترابية وقطعت الطرق الرئيسة ونزح على إثرها سكان في القرى التي داهمتها. كذلك قامت القوات الإسرائيلية باعتقال 11 شخصاً: شاب في درعا بتاريخ 25 ديسمبر 2024، شخصان آخران من ريف درعا في 26 ديسمبر 2024، صحفيّين أحدهما سوري والآخر فرنسي في 8 يناير من عام 2025. إضافة لستة أشخاص من قرية صيدا الحانوت بالقنيطرة في 22 يناير 2025.

تحتوي قاعدة بيانات الأرشيف السوري على 460 حادثة وقعت منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى 31 يناير 2025، إلا أن الوضع لا يزال يتطور. منذ نهاية فترة التحقيق هذه، طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ”نزع السلاح بشكل كامل من جنوب سوريا في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء من قوات النظام الجديد"، مع تعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي في الأراضي السورية التي استولت عليها إسرائيل بعد سقوط الأسد إلى أجل غير مسمى. بالإضافة إلى ذلك، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي مجددًا نية بلاده احتلال جزء من الأراضي السورية الواقعة خارج الحدود الشمالية المتنازع عليها لإسرائيل "لفترة غير محدودة"، وذلك خلال زيارته إلى جبل الشيخ. ويمثل هذا تحولاً عن موقف إسرائيل المؤقت السابق؛ إن رفض نتنياهو السماح للقيادة السورية الجديدة أو قوات هيئة تحرير الشام بالإقتراب من المنطقة العازلة، إلى جانب استمرار الضربات الإسرائيلية على أهداف سورية، يشير إلى سياسة توسعية تتحدى سيادة سوريا وتزيد من خطر تصعيد الصراع الإقليمي.

.css-68jq5d{padding-bottom:1.45rem;color:#ffffff;-webkit-transition:0.25s;transition:0.25s;}.css-68jq5d:hover{-webkit-text-decoration:underline;text-decoration:underline;}التحقيقات

التوغل والاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ سورية

جدول المحتويات

التحقيقات